العلم للعلم وخدمة الدين والشريعة ، ومن خالف هذه السيرة أبعده الإمام عن حوزته ، فكم طرد أناساً ولعن قوماً خالفوه في سيرته وسريرته وما زالت عظاته وارشاداته تسبق تعاليمه ، أو تطّرد مع بيانه . تعاليمه لتلاميذه ما أكثر تعاليمه وأكثر عظاته ونصائحه ، وستأتي لها فصول خاصّة ، وإِنما نذكر منها ههنا ما يخصّ طلب العلم . قال عمرو بن أبي المقدام [1] : قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام في أوّل مرّة دخلت عليه : تعلّموا الصدق قبل الحديث [2] . أقول : ما أثمنها نصيحة ، وما زال يوصي كلّ من دخل عليه من أوليائه بالصدق وأداء الأمانة ، ولا بدع فإن بهما سعادة المرء في هذه الحياة ، ووفرة المال والجاه ، والطمأنينة إليه ، والرضى به للحكومة بين الناس . وأما إِرشاده إلى طلب العلم فما أكثر قوله فيه ، فتارةً يقول عليه السّلام : لست أحبّ أن أرى الشاب منكم إِلا غادياً في حالين ، إِما عالماً أو متعلّماً ، فان لم يفعل فرط ، وإِن فرط ضيّع ، وإِن ضيّع أثم [3] . وأخرى يقول : اطلبوا العلم وتزيّنوا معه بالحلم والوقار [4] وما اقتصر على حثهم على طلب العلم ، بل حثّهم على ما يزدان به من الحلم والوقار ، بل والتواضع كما في قوله عليه السّلام : " وتواضعوا لمن تعلّمونه العلم ، وتواضعوا لمن طلبتم منه
[1] سيأتي في ثقات المشاهير من رجاله . [2] الكافي : باب الصدق وأداء الأمانة . [3] مجالس الشيخ الصدوق رحمه اللّه ، المجلس / 11 . [4] الكافي : 1 / 36 / 1 .