رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ولا ما أراده لاُمّته . فلا غرابة لو حكم العقل بأن الواجب عليه سبحانه أن ينصب في كلّ عهد عالماً يدلّ الناس على الشريعة كما جاءت ، ويأتيهم بالأحكام كما نزلت ، وهل يجوز ذلك على أحد سوى عليّ وبنيه ؟ وهذه آثارهم العلميّة بين يديك فاستقرئها ، لعلّك تجد على النور هدى ، ولو لم يكن لدنيا أثر أو دليل إِلا قوله صلّى اللّه عليه وآله : " أنا مدينة العلم وعليّ بابها [1] " ، وقوله : " إِني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيت " [2] ، لكفى في كون أهل البيت علماء الشريعة والكتاب ، الذين أخذوا العلم من معدنه ، واستقوه من ينبوعه ، ولو كان علمهم بالاكتساب لما جعلهم الرسول علماء الكتاب عمر الدهر دون الناس ، وما الذي ميّزهم على الناس إذا كانوا والناس في العلم سواء . وممّا يسترعي الانتباه أن الناس كانوا محتاجين إلى علمهم أبداً ، وكلّما رجعوا إليهم في أمر وجدوا علمه عندهم ، وما احتاجوا إِلى علم الناس أبداً . ولا نريد أن نلمسك هذه الحقيقة بالأخبار دون الآثار ، فإن في الآثار ما به غنى للبصر ، وهذه آثارهم شاهدة على صدق ما ادّعوه وادعي فيهم ، وأمر حقيق بأن تنتبه إليه ، وهو أن الجواد عليه السّلام انتهت إليه الإمامة وهو ابن سبع ، ونهض بأعبائها ، وقام بما قام به آباؤه من التعليم والإرشاد ، وأخذ منه العلماء خاضعين مستفيدين ، وما وجدت فيه نقصاً عن علوم آياته وهذا عليّ بن جعفر شيخ العلويّين في عهده سنّاً وفضلاً إذا أقبل الجواد يقوم فيقبّل يده ، وإِذا خرج يسوّي له نعله ، وسئل عن الناطق بعد الرضا عليه السّلام فقال : أبو جعفر ابنه فقيل له : أنت في سنّك وقدرك وأبوك جعفر بن محمّد تقول هذا القول في هذا الغلام ، فقال ما أراك إِلا شيطاناً ثمّ أخذ بلحيته وقال : فما حيلتي إِن كان اللّه رآه أهلاً لهذا ولم ير هذه الشيبة لها أهلاً [3] هذا وعليّ بن جعفر أخ الكاظم عليه السّلام
[1] تاريخ بغداد : 2 / 377 ، وكنز العمال : 6 / 156 . [2] مسند أحمد بن حنبل : 4 / 366 ، وصحيح الترمذي : 2 / 308 . [3] رجال الكشي 269 و 270 .