ولو لم يكن هناك نقل يدلّ بصراحته على اختصاص هذه الصفوة الكريمة بهذه الآية الشريفة لكان من آثارهم أكبر برهان على هذا الإختصاص ، فانّ أفعالهم وأقوالهم ترغمنا على الاعتراف بتلك النزاهة لهم . وما خفيت هذه الحقيقة الناصعة على أهل البصائر من بدء نزول هذه الآية المحكمة حتى اليوم ، فكان أهل البيت عندهم أهل الكساء خاصّة ، الذين حبوا بمكارم لا يأتي عليها الحصر ، وكان منها الطهارة من العيوب ، وذهاب الأرجاس والذنوب . نعم ربّما استغلَّ بعض الهاشميّين ومنهم العبّاسيّون ظاهر عموم كلمة أهل البيت لتحقيق مآربهم والوصول إلى العروش ، فكان الهاشميّون عامّة يدلون على الناس بهذه الآية . كما كان اسم التشيّع أيضاً قد يُستغل فيراد به ولاء عليّ وأهل البيت بالمعنى العام ، لا خصوص أصحاب الكساء والأئمة من أولاد الحسين عليهم السلام إلا عند الذين لا تجرفهم سيول الرعاع ، ولا يعدل بهم عن الحقّ الصخب أو الضغط ، وما عرفت الناس التشيّع بولاء هؤلاء الأئمة خاصّة إلا بعد أن خيّم السكون على الناس بعد الثلث الأوّل من الدولة العبّاسيّة ، حين قرَّت شقشقة العلويّين وثوراتهم ، فتمخّض القول وقتذاك بأهل البيت لهؤلاء السادة الأئمة . وشاهدنا على ذلك أن بني العبّاس ما دبوا دبيب النمل على الصفا لارتقاء عروش المُلك وتحطيم دعائم الدولة المروانيّة إلا بذلك الاسم ، بزعم أنهم أهل البيت الأقربون إلى صاحب الرسالة ، ليعطفوا بذلك عليهم قلوب الشيعة ويتّخذوا