نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ( ص ) والثلاثة الخلفا نویسنده : سليمان بن موسى الكلاعي جلد : 1 صفحه : 33
مع ذلك فى كل شىء ومع كل شىء ، أجعل ذلك البيت حرما آمنا ، يتحرم بحرمته من حوله ومن تحته ومن فوقه ، فمن حرمه بحرمتى استوجب بذلك كرامتى ومن أخاف أهله فقد أخفر ذمتى وأباح حرمتى ، أجعله أول بيت وضع للناس ببطن مكة مباركا ، يأتونه شعثا غبرا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، يزجون بالتلبية زجيجا ويثجون بالبكاء ثجيجا ، ويعجون بالتكبير عجيجا . فمن اعتمده لا يريد غيره فقد وفد إلى وزارنى وضافنى ، وحق على الكريم أن يكرم وفده وأضيافه ، وأن يسعف كلا بحاجته . تعمره يا آدم ما كنت حى ، ثم تعمره الأمم والقرون والأنبياء من ولدك ، أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن « 1 » . وفى حديث غير هذا عن عطاء وقتادة ، أن آدم عليه السلام ، لما أهبطه الله من الجنة وفقد ما كان يسمعه ويأنس إليه من أصوات الملائكة وتسبيحهم ، استوحش حتى شكا ذلك إلى الله تعالى فى دعائه وصلاته ، فوجهه إلى مكة ، وأنزل الله تعالى ياقوتة من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن . وقال الله : يا آدم ، إنى قد أهبطت لك بيتا تطوف به ، كما يطاف حول عرشى وتصلى عنده كما يصلى عند عرشى . فانطلق إليه آدم ، فطاف به هو ومن بعده من الأنبياء ، إلى أن كان الطوفان ، فرفعت تلك الياقوتة ، حتى أمر الله إبراهيم عليه السلام ببناء البيت ، فبناه ، فذلك قوله تعالى : وإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ الآية . وعن ابن عباس ، أن الله أوحى إلى آدم : أن لى حرما بحيال عرشى ، فانطلق فابن لى بيتا فيه ، ثم حف به كما رأيت ملائكتى يحفون بعرشى ، فهنالك أستجيب لك ولولدك ، من كان منهم فى طاعتى . فقال آدم : أى رب ، وكيف لى بذلك ؟ لست أقوى عليه ولا أهتدى لمكانه . فقيض الله له ملكا فانطلق به نحو مكة ، فكان آدم عليه السلام إذا مر بروضة ومكان يعجبه قال للملك : انزل بنا هاهنا . فيقول له الملك : أمامك . حتى قدم مكة ، فبنى البيت من خمسة أجبل ، من طور سيناء ، وطور زيتا ، ومن لبنان ، والجودى ، وبنى قواعده من حراء .
( 1 ) أخرجه الطبرى فى التاريخ ( 1 / 131 ) .
33
نام کتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ( ص ) والثلاثة الخلفا نویسنده : سليمان بن موسى الكلاعي جلد : 1 صفحه : 33