أنى له الذكرى يوم القيامة حيث ترك الذكرى في دار الأعمال وما تذكر إلا في دار الجزاء فما عاد تنفعه الذكرى وقوله يحكي عن ابن آدم يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي أي قدمت أمامي فتصدقت به لوجه ربي وتزيدت من عمل الخير والصلاة والعبادات والتسبيح وذكر الله تعالى حتى نلت به في هذا اليوم درجات العلى في الآخرة والنعيم الدائم في أعلى الجنان مع الشهداء والصالحين وإنما سمى الله تعالى الآخرة الحياة لأن نعيم الجنة خالد دائم لا نفاد له باق ببقاء الله تعالى بخلاف الدنيا فإن الحياة فيها منقطعة مع أنه مشوب بالهم والغم والمرض والخوف والضعف والشيب والدين وغير ذلك فاستيقظ يا أخي من نومك وأخرج من غفلتك وحاسب نفسك قبل يوم الحساب وأخرج من تبعات العباد وصالح الذين أخذت منهم الربا واعتذر إلى من قذفته بالزناء واغتبته ونلت من عرضه فإن العبد ما دام في الدنيا تقبل توبته إذا تاب من ذنوبه وإذا اعتذر من غرمائه رحموه وعفوا عنه وأسقطوا عنه حقوقهم الذي عليه فأما في الآخرة فلا حق يوهب ولا معذرة تقبل ولا ذنب يغفر ولا بكاء ينفع وقال عليه السلام ما فزع امرؤ فزعة إلا كانت فزعته عليه حسرة يوم القيامة فما خلق امرؤ ليلهو وانظروا إلى قوله تعالى أَيَحْسَبُ الإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً وقال تعالى أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً واعلموا أيها الإخوان أن العمر منجو عظيم مريح وكل نفس منه جوهرة وكيف لا يكون كذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبه ولا ولدا كتب الله له بكلماته خمسا وأربعين ألف ألف حسنة ومحا عنه أربعين ألف ألف سيئة ورفع له خمسا وأربعين ألف ألف درجة في عليين فقال له جبرائيل يا رسول الله كل شيء يحصى حسابه إلا قول الرجل لا إله إلا الله وحده لا شريك له فإنه لا يحصى ثوابه إلا الله تعالى ادخر لك ولأمتك فاذكروني أذكركم وإن الله سبحانه يقول أهل ذكرى في ضيافتي وأهل طاعتي في نعمتي وأهل شكري في زيارتي وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا أجيبهم وإن مرضوا فأنا طبيبهم أداويهم بالمحن والمصائب لأطهرهم