زين العابدين عليه السلام عند بلوغه المكان ينتحب ويبكي بكاء الثكلى ويقول آه ثم آه على عمري كيف ضيعته في غير عبادة الله وطاعته لأكون من الناجين الفائزين قلت وذلك في تفسير قوله تعالى آخر سورة المؤمنين حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ يعني فيما تركته ورائي لوراثي فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ فيقول له ملك الموت كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها أي كلا لا رجوع لك إلى دار الدنيا وقوله إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها أي قال هذه الكلمة لما شاهده من شدة سكرات الموت وأهوال ما عاينه من عذاب القبر وهول المطلع ومن هول سؤال منكر ونكير قال الله تعالى وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أي لو ردوا إلى دار الدنيا ومددنا لهم في العمر لعادوا إلى ما كانوا عليه من بخلهم بأموالهم فلم يتصدقوا ولم يطعموا الجيعان ولم يكسوا العريان ولم يواسوا الجيران بل يطيعون الشيطان في البخل وترك الطاعة ثم قال تعالى وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ والبرزخ في التفسير القبر ثم قال تعالى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ الآية قوله فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ ففي الخبر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الخلائق إذا عاينوا القيامة ودقة الحساب وأليم العذاب فإن الأب يومئذ يتعلق بولده فيقول أي بني كنت لك في دار الدنيا ألم أربك وأغذيك وأطعمك من كدي وأكسيك وأعلمك الحكم والآداب وأدرسك آيات الكتاب وأزوجك كريمة من قومي وأنفقت عليك وعلى زوجتك في حياتي وآثرتك على نفسي بمالي بعد وفاتي فيقول صدقت فيما قلت يا أبي فما حاجتك فيقول يا بني إن ميزاني قد خفت ورجحت سيئاتي على حسناتي وقالت الملائكة يحتاج كفة حسناتك إلى حسنة واحدة حتى ترجع بها وإني أريد أن تهب لي حسنة واحدة أثقل بها ميزاني في هذا اليوم العظيم خطره قال فيقول الولد لا والله يا أبت إني أخاف مما خفته أنت ولا أطيق أعطيك من حسناتي شيئا قال فيذهب عنه الأب باكيا نادما على ما كان أسدى إليه في