فاستدرك بها ما فات واجتهد أن تجعل بصرك لأخراك فهو أعود عليك من نظرك إلى دنياك فإن الدنيا فانية والأخرى باقية والسعيد من استعد لما بين يديه وأسلف عملا صالحا يقدم عليه قبل نزول المنون يوم لا ينفع مال ولا بنون شعر وبادر شبابك أن يهرما * وصحة جسمك أن يسقما وأيام عزك قبل الممات * فما كل من عاش أن يسلما وقدم فكل امرئ قادم * على كل ما كان قد قدما أقول في جمع المال والبخل به على نفسه وإنفاقه في مرضات الله تعالى كما قال تعالى في كتابه وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يصور الله تعالى مال أحدكم شجاعا أقرع فيطوق في حلقه ويقول أنا مالك الذي منعتني إن تتصدق بي ثم ينهشها بأنيابه فيصيح عند ذلك صياحا عظيما ثم عليك يا طالب الجنة ونعيمها بترك حب الدنيا وزينتها لأن الله تعالى قد ذمها في كتابه العزيز فقال مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أي لا ينقصون من المال والجاه أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها والإحباط هو إبطال أعمالهم في الدنيا وقال الله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً وقال تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ وحرث الآخرة هو العمل للآخرة الذي يستحق به العبد دخول الجنة لأن الحرث هو زرع الأرض وقال بعض الصالحين شعرا وما الناس إلا هالك وابن هالك * وذو نسب في الهالكين عريق إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في ثياب صديق وقال آخر كأحلام نوم أو كظل زائل * إن اللبيب بمثلها لا يخدع وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن أهل الجنة لا يندمون على شيء من أمور الدنيا إلا على