يا أحمد عليك بالورع فإن الورع رأس الدين ووسط الدين وآخر الدين إن الورع به يتقرب إلى الله تعالى يا أحمد إن الورع زين المؤمن وعماد الدين إن الورع مثله كمثل السفينة كما أن البحر لا ينجو إلا من كان فيها كذلك لا ينجو الزاهدون إلا بالورع يا أحمد ما عرفني عبد وخشع لي إلا خشع له كل شيء يا أحمد الورع يفتح على العبد أبواب العبادة فيكرم به العبد عند الخلق ويصل به إلى الله عز وجل يا أحمد عليك بالصمت فإن أعمر مجلس قلوب الصالحين والصامتين وإن أخرب مجلس قلوب المتكلمين بما لا يعنيهم يا أحمد إن العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال فإن أطيب مطعمك ومشربك فأنت في حفظي وكنفي قال يا رب ما أول العبادة قال أول العبادة الصمت والصوم قال يا رب وما ميراث الصوم قال الصوم يورث الحكمة والحكمة تورث المعرفة والمعرفة تورث اليقين فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح بعسر أم بيسر وإذا كان العبد في حالة الموت يقوم على رأسه ملائكة بيد كل ملك كأس من ماء الكوثر وكأس من الخمر يسقون روحه حتى تذهب سكرته ومرارته ويبشرونه بالبشارة العظمى ويقولون له طبت وطاب مثواك إنك تقدم على العزيز الكريم الحبيب القريب فتطير الروح من أيدي الملائكة فتصعد إلى الله تعالى في أسرع من طرفة عين ولا يبقى حجاب ولا ستر بينها وبين الله تعالى والله عز وجل إليها مشتاق ويجلس على عين عند العرش ثم يقال لها كيف تركت الدنيا فيقول إلهي وعزتك وجلالك لا علم لي بالدنيا أنا منذ خلقتني خائف منك فيقول الله صدقت عبدي كنت بجسدك في الدنيا وروحك معي فأنت بعيني سرك وعلانيتك سل أعطك وتمن علي فأكرمك هذه جنتي مباح فتبيح فتبحبح فيها وهذا جواري فأسكنه فيقول الروح إلهي عرفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك وعزتك وجلالك لو كان رضاك في أن أقطع إربا إربا وأقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس لكان رضاك أحب إلهي كيف أعجب بنفسي وأنا ذليل إن لم تكرمني وأنا مغلوب إن لم تنصرني وأنا