بهم الملائكة ويدور دعاؤهم تحت الحجب يحب الرب أن يسمع كلامهم كما تحب الوالدة الولد ولا يشغلون عنه طرفة عين ولا يريدون كثرة الطعام ولا كثرة الكلام ولا كثرة اللباس الناس عندهم موتى والله عندهم حي كريم يدعون المدبرين كرما ويزيدون المقبلين تلطفا قد صارت الدنيا والآخرة عندهم واحدة يا أحمد هل تعرف ما للزاهدين عندي قال لا يا رب قال يبعث الخلق ويناقشون الحساب وهم من ذلك آمنون إن أدنى ما أعطي الزاهدين في الآخرة أن أعطيهم مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أي باب شاؤوا ولا أحجب عنهم وجهي ولأنعمنهم بألوان التلذذ من كلامي ولأجلسنهم في مقعد صدق وأذكرهم ما صنعوا وتعبوا في دار الدنيا وأفتح لهم أربعة أبواب باب يدخل عليهم الهدايا بكرة وعشيا من عندي وباب ينظرون منه إلى كيف شاؤوا بلا صعوبة وباب يطلعون منه إلى النار فينظرون إلى الظالمين كيف يعذبون وباب يدخل عليهم منه الوصائف والحور العين قال يا رب من هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم قال الزاهد هو الذي ليس له بيت يخرب فيغتم لخرابه ولا له ولد يموت فيحزن لموته ولا له شيء يذهب فيحزن لذهابه ولا يعرفه إنسان ليشغله عن الله طرفة عين ولا له فضل طعام يسأل عنه ولا له ثوب لين يا أحمد وجوه الزاهدين مصفرة من تعب الليل وصوم النهار وألسنتهم كلال إلا من ذكر الله تعالى قلوبهم في صدورهم مطعونة من كثرة صمتهم قد أعطوا المجهود في أنفسهم لا من خوف نار ولا من شوق جنة ولكن ينظرون في ملكوت السماوات والأرض فيعلمون أن الله سبحانه أهل للعبادة يا أحمد هذه درجة الأنبياء والصديقين من أمتك وأمة غيرك وأقوام من الشهداء قال يا رب أي الزهاد أكثر زهاد أمتي أم زهاد بني إسرائيل قال إن زهاد بني إسرائيل في زهاد أمتك كشعرة سوداء في بقرة بيضاء فقال يا رب وكيف ذلك وعدد بني إسرائيل أكثر قال لأنهم شكوا بعد اليقين وجحدوا بعد الإقرار قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحمدت الله تعالى وشكرته ودعوت لهم بالحفظ والرحمة وسائر الخيرات