يكن في حسابه ولا شك أن العاقل يرى نفسه مقصرا وليس له وثوق بقبول عمله يعتمد أحسن الظن بالله والرجاء لعفوه وحلمه وكرمه والرغبة إليه والتضرع بين يديه والابتهال كما قال صلى الله عليه وآله وسلم إلهي ذنوبي تخوفني منك وجودك يبشرني عنك فأخرجني بالخوف من الخطايا حتى أكون غدا في القيامة عتيق كرمك كما كنت في الدنيا ربيب نعمك وليس ما تبذله غدا من النجاة بأعظم مما قد منحته من الرجاء ومتى خاب في فنائك آمل أم متى انصرف بالرد عنك سائل إلهي ما دعاك من لم تجبه لأنك قلت ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وأنت لا تخلف الميعاد فصل على محمد وآل محمد واستجب دعائي ولا تقطع رجائي برحمتك يا أرحم الراحمين وروي أن سبب نزول قوله تعالى نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر بقوم يضحكون فقال أتضحكون فلو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم طويلا فنزل جبرائيل وقال يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الأَلِيمُ وقالت أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الله تعالى ليعجب من يأس العبد من رحمته وقنوطه من عفوه مع عظيم سعة رحمته وروي أن علي بن الحسين عليه السلام مر بالزهوي وهو يضحك قد خولط فقال ما باله فقالوا هذا لحقه من قتل النفس فقال والله لقنوطه من رحمة الله أشد عليه من قتله وينبغي أن يعتمد العبد على حسن الظن بالله تعالى فإنه وسيلة عظيمة فإن الله يقول أنا عند حسن ظن عبدي ورأى بعضهم في المنام صاحبا له على أحسن حال فقال بأي شيء نلت هذا فقال بحسن ظني بربي وما ينال أحد خير الدنيا والآخرة إلا بحسن الظن بالله تعالى وقال أمير المؤمنين عليه السلام الثقة بالله وحسن الظن به حصن لا يتحصن به إلا كل مؤمن والتوكل عليه نجاة من كل سوء وحرز من كل عدو وقال الصادق عليه السلام والله ما أعطي مؤمن خير الدنيا والآخرة إلا بحسن الظن بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن أعراض الناس فإن الله تعالى لا يعذب عبدا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه وتقصيره في رجائه وسوء خلقه