الرب يصلي بصوت أبي بكر : 2 - وقال : « رضي الله عن الصديق الأكبر ، صاحب السر ، العلم الأزهر ، في قيامه على منبر الطرفاء ، يوم الداهية الدهياء ، بموت سيد الأنبياء ، أمين الأمناء ، وعلم الاهتداء ، وقد ذهل من كان عندنا أقوى الأقوياء ، فما ظنك بالضعفاء . وصار الرفيق الأسيف ، على مذهب السيدة الحميراء [1] ، لما كان يظهر عليه من شد التلهف والبكاء ، فكان أضعفهم عيناً ، وأقواهم في صميم السويداء ، فقال : « من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فالله حي لا يموت » . ثم تلا استشهاداً على مقالته الزهراء : * ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) * [2] . . إلى آخر الآية الغراء ، ثم تلاها بقوله جل ثناؤه : * ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) * [3] . . ثم خاطب جميع الخصماء . . فهذه القوة الإلهية من زهده في القوت ، وسوقه جميع ما ملكته يده لله ورسوله ، فملكه مفاتيح التابوت . فمن غيرته عليه وأمانته ، إخفاؤه إياه إلى يوم فقد صاحب رسالته ، ففتح تابوت صدره ، وأبدى مكنون سره ، ونبه بعلمه على مكانته من الله وقدره . .
[1] أي من حيث ظهور الضعف عليه أمام المصيبة ، لأن النساء يضعفن ، ويغلب عليهن البكاء . [2] الآية 144 من سورة آل عمران . [3] الآية 30 من سورة الزمر .