فان ذلك لا يعد وأن يكون تخرصاً ، ورجماً بالغيب . . ولعل المنطق السليم يساعد على ضد ذلك تماماً : أي على محاسنة أبي الأسود ، والتحمل منه مهما أمكن ، أما أن سر شتمه له : أنه آنس منه شيئاً من النكير ، فلا شاهد له أصلاً . . نعم . . لو أخذنا برواية ابن أعثم ، التي هي الوحيدة المتعرضة لذلك كما سيأتي . . فإننا نجدها تقول : ان سبب غضب ابن عباس على أبي الأسود ، هو الخلاف الذي نشب بين أبي الأسود وزياد في غيبة ابن عباس إلى الحج ، وهجاء أبي الأسود لزياد . ولكننا في مقابل ذلك نجد : ان عدداً من المؤرخين يقول : ان ابن عباس لم يحج في خلافة علي عليه السلام أصلاً [1] . ثانياً : وابن عباس . . ألم يكن يخشى بطش علي وسطوته ؟ ! . وألا يعرف حزمه وصلابته ؟ ! . . فكيف يخاطر بنفسه ، ويقدم على ما أقدم عليه ؟ ! ثم . . كيف يذهب إلى مكة ؟ ولم يذهب إلى معاوية الذي يستطيع ان يحميه من علي ، والذي ما زال يخطب وده ، ويحاول ان يكون معه ، والى جانبه ؟ ! . .
[1] الكامل لابن الأثير ج 3 ص 377 طبع صادر ، والبداية والنهاية ج 7 ص 322 والطبري ج 4 ص 104 .