وفي نفوس المسلمين جميعاً ، ما كان خليقاً أن يعصمه عن الانحراف عن ابن عمه ، مهما تعظم الحوادث ، وتدلهم الخطوب . . » [1] . كما ان كهولته ، وعلمه وسداد رأيه ، ومكانته التي جعلت معاوية يرى انه : « رأس الناس بعد علي » - كل ذلك - لم يمنعه من سرقة أموال المسلمين ، والانغماس في لذاته ، والانقياد إلى شهواته ، حتى ولو كان ذلك على حساب كل ما ذكرناه من مميزاته تلك . وكأنه لم يكن يعلم : ان المباح قد يحرم ، لو كان يتنافى مع شخصية الانسان ، ومكانته الاجتماعية ! ! . كما ان ذلك كله . . لم يكن يمنعه من التفوه بتلك الأرجاز الركيكة ، التي تنسبها الرواية سيما تلك التي تتضمن الألفاظ القبيحة والصريحة ، حتى لقد جعل صاحبه يعترض عليه ، ويقول له : « أمثلك يرفث في هذا الموضع ؟ ! » ، مما يعني ان مكانة ابن عباس لم تكن لتسمح له - وهو الرجل الكامل المسن ، العالم الحازم - بأن يصدر منه مثل ذلك . .
[1] الفتنة الكبرى ج 2 ص 121 ، لكن طه حسين مع ذلك يصر على نسبة السرقة إلى ابن عباس ويحاول توجيهها بما لا يسمن ، ولا يغني من جوع كما سنرى . .