نام کتاب : مقارنة الأديان ، اليهودية نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 26
علم مقارنة الأديان : نشأته وتطوره : من مفاخر المسلمين أنهم هم الذين ابتكروا علم مقارنة الأديان ، وسنرى أن مفكري الغرب يعترفون بذلك ، ومن الطبيعي أن هذا العلم لم يظهر قبل الإسلام ، لأن الأديان قبل الإسلام لم يعترف أي منها بالأديان الأخرى ، وكان كل دين يعد ما سواه من الأديان والأفكار هرطقة وضلالا ، وحسبك أن تتذكر موقف اليهودية من المسيحية ومن المسيح ، وبالتالي موقف المسيحية من اليهودية واليهود ، فاليهودية لم تعترف بالمسيحية ولا بالمسيح واعتبر المسيح ثائرا استحق عندهم الحكم بالاعدام ، والمسيحية اعتبرت نفسها وريثة اليهودية ولم تر مع وجودها لليهودية وجودا . ومثل ذلك موقف الهندوسية من البوذية والبوذية من الهندوسية ، ومثله موقف المسيحية من الإسلام بالأندلس . بل وصل الأمر إلى أكثر من ذلك ، إذ أنكرت كل طائفة مسيحية جميع الطوائف الأخرى وعدت اتجاهاتها هرطقة وضلالا ، وربما حكمت كل منها بالاعدام على أتباع سواها ، وحسبك أن تتذكر مذبحة باريس التي حدثت في 24 أغسطس سنة 1572 حيث سطا الكاثوليك على ضيوفهم البروتستانت فذبحوهم وهم نيام ، وأصبحت باريس وشوارعها تجري بدماء الضحايا ، وراح البابا يهنئ ملك فرنسا بهذا التصرف . وهذا الاتجاه كان هو الاتجاه العام بين الأديان وبين المذهب . ومن هنا لم يوجد علم مقارنة الأديان ، لأن المقارنة نتيجة للتعدد وليس التعدد معترفا به عند أحد . وجاء الإسلام ، وكان موقفه بالنسبة للأديان الأخرى ينضوي تحت اتجاهين ، الناحية النظرية ، والناحية الواقعية : فمن الناحية النظرية يعلن الإسلام أنه الحلقة الأخيرة في سلسلة الأديان ،
26
نام کتاب : مقارنة الأديان ، اليهودية نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 26