وبعد ، لماذا ينكرون الله وهو ملجأهم عند الهزيمة ، وملاذهم إذا أصابهم الفشل ؟ وطالما نسمع الشخص عند الاخفاق ينسب إخفاقه إلى إرادة الله ، ومعنى هذا عدم يأسه ، ومعناه كذلك أن يحاول العمل من جديد رجاء أن يكون عون الله معه في الجولة الأخرى ، والإنسان دائما ينجح ويفشل ، ويعلو وينخفض ، ومن الخير أن يظل على صلة بالله يدعوه عند الشدة ويستعين به عند العجز ، فلا يحس أنه وحده في الشدائد ، ولا يضعف أمام الصعاب لأنه يؤمن أن الله معه ، ومن كانت معه قوة الله استسهل الصعاب واستهان بالمشكلات .
وحدانية الله :
وحدانية الله في التفكير الإسلامي تشمل الوحدة في الوجود ، أي أنه إله واحد فليس في الإسلام تعدد آلهة بأية صورة من الصور ، وتشمل كذلك الوحدة في التركيب ، فليس الله مكونا من أجزاء ، وتشمل ثالثا الوحدة في العبادة فليس هناك معبود إلا الله ، وليس هناك صاحب سلطان مطلق يصرف الأمر كله ، ونتجه له خاضعين ساجدين إلا الله الواحد القهار .
والتوحيد بهذا المعنى عظيم الفائدة للجنس البشري ، لأنه يجمع البشر حول إله واحد ، وفي ذلك توحيد اتجاههم وغرس نظام الأخوة بينهم ، أما تفرق الآلهة فمعناه تفرق البشر ، وذهاب كل فريق إلى التعصب لما وجه قلبه إليه ، وفي ذلك فساد النظام وخسارة للبشرية [1] .
ومن فوائد عبادة الله وحده عبادة مباشرة دون وساطة ودون زلفى ، تحرير الفكر البشري من الخضوع لغير الله من إنسان أو حيوان أو جماد ،

[1] أنظر رسالة لتوحيد للإمام محمد عبده ص 76 - 77 .

98