نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 69
الناس يخضعون لهذه المادية ويرونها فلسفتهم ويبنون تفكيرهم على توجيهها وإرشاداتها ، وكثير آخرون يقاومون هذه المادية في نفوسهم وينعشون بذور الروحانية فيهم ، وهؤلاء درجات متفاوتة ، أعتقد أني لا أظلم الناس لو قلت إن قليلين جدا هم الذين سموا بروحانيتهم إلى الطبقة العليا . وبعض الفقهاء مع ورعهم لا يخلو حديثهم من اتجاه مادي فيما يتعلق بالله جل وعلا ، فتراهم عندما يتحدثون عن الإسراء والمعراج - وهو قطعا بالروح والجسد فيما يتعلق بالرسول - يبدو في حديثهم اتجاه مادي فيما يتصل بالله ، فهم يتخيلونه جالسا في أعلى عليين ، ويصورون محمدا صاعدا إليه سماء بعد سماء ، مع أنهم يعرفون الاتجاه السليم الذي يرى أن الله ليس له مكان ، أو أنه سبحانه في كل مكان ، ويقرأون في ذلك قوله تعالى " وسع كرسيه السماوات والأرض [1] " . أيها القارئ ، أيا كان اتجاهك الديني ، هل تنكر أنك مادي ؟ إن كنت تنكر ذلك فإني سأسرد لك من حياتك اليومية صورا بسيطة ساذجة لتمتحن بها ماديتك وروحانيتك : أنت - أغلب الظن - تستعمل معجون أسنان وفرشاة ، وعند ما تنفد أنبوبة المعجون تذهب توا لشراء أنبوبة أخرى ، ولكن اسأل نفسك : متى تشتري فرشاة أخرى ؟ إن نصائح أطباء الأسنان تقضي بأن الفرشاة يلزم أن يستبدل بها غيرها من حين إلى آخر ، لأنها تصبح غير صالحة للاستعمال بعد فترة من الزمن ، وإن كانت لا تزال تحمل الشعيرات وتبدو كأنها سليمة . فأنت لا تتأخر عن شراء أنبوبة المعجون يوما واحدا لأن انتهاء صلاحيتها شئ مادي ، ولكنك غالبا تؤجل شراء الفرشاة لأن انتهاء صلاحيتها ليس واضح المادية وإن كان لا يخلو منها .