نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 60
" عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى ، وما يدريك لعله يزكى ، أو يذكر فتنفعه الذكرى ، أما من استغنى ، فأنت له تصدى ، وما عليك ألا يزكى ، وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى . كلا ، إنها تذكرة [1] " . قصة جماعة يدعوهم الرسول إلى الإسلام ، ورجل أعمى مسلم يقتحم على الرسول جلسته ليسأل عن شئ غمض عليه ، ولكن الرسول يستمر في اهتمامه بهذه الجماعة رجاء أن يجذبها إلى نطاق الإسلام ، أما هذا السائل المسلم فيعرض عنه الرسول مؤقتا فلن يفوت شئ إذا أجل الرسول الإجابة عن سؤاله . ولكن القرآن لا يترك هذا التصرف لمحمد ، وتنزل عليه هذه الآيات التي يقرؤها الملايين . هل هي من صنع محمد ؟ وكيف جاز لمحمد أن يلوم نفسه هذا اللوم ، وأن يجعل هذا التقريع قرآنا يحفظه الناس ويتلونه على مر الزمن ؟ وفي هذه الآيات - بالإضافة إلى العتاب واللوم - معان سامية ، واتجاهات رفيعة ، إذ لا يمكن أن يعارض محمد نفسه لو كانت الدعوة من خلقه ، والقرآن من صنعته ، لأن الآيات تسأل بتهكم : لماذا تتصدى لتعلم من استغنى عنك وعن الأفكار التي تدعو لها ؟ وماذا يضيرك أن يبقى هؤلاء في ضلالهم . . . . ؟ كلا ، لا تفعل ذلك مرة أخرى . هذا أدب الله وتلك سياسة القوى العليا التي لا يصل إلى غايتها فكر البشر ، فالفكر البشري يحب الحوار ، والالحاح به ، والظفر فيه ، ولا يرى في ذلك عيبا ، وأشهد لقد حصل لي حادث مماثل سأذكره هنا ، ولير القارئ رأيه فيه : في جاكرتا عاصمة إندونيسيا كان يعيش - وأنا هناك - رجل عربي مسلم هاجر إلى إندونيسيا من نابلس بفلسطين منذ حوالي ثلاثين سنة ، وتزوج في جاكرتا بفتاة مسيحية هولندية ، وأنجب منها بعض أطفال .