نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 58
عليه أنفس ما يملكون لأنهم ظنوا أنه طالب مال ، وعرضوا عليه الجاه والسؤدد وأرادوه ملكا عليهم ، ولكن محمدا صاح صيحته الشهيرة : والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه ( 1 ) . وظنه الجدد من أتباعه ذا سلطان ، فكانوا يقفون له إذا قدم عليهم ، ولكنه هتف بهم : لا تقوموا كما تقوم الأعاجم ، فلست بملك ، وإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة . وقاسى محمد من أجل النبوة ألوانا من العناء ، عرف الجوع والطوى ، وامتدت عليه الأيدي بالضرب والايذاء ، وقاطعته قريش هو ومن تبعه أو نصره ، واستمرت المقاطعة ثلاث سنوات ، وشملت التجارة والمحادثة والتزاوج وغيرها من المعاملات ، وكان من نتيجتها الضر البالغ لمحمد ، ولبني هاشم جميعا ، ثم تلا ذلك هجرة وغربة قاسية . وماذا حصل محمد لذويه ؟ إن كان محمد قد حصل شيئا لأولاده وذويه فذلك الشئ هو الحرمان ، طالما بات مع أهله على الطوى ، وطالما قنع وقنعوا معه بالثوب المرقع ، والنعل المخصوف ، ثم - وهو غاية الحرمان - لقد وضع محمد حدا لما قد يقال عن جلب النفع ، فقال قبل موته : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة . وهكذا حرم أهله من ميراث يناله جميع الناس من موتاهم ، وبرهن على أنه هو ليس لأهله وإنما للمسلمين جميعا ، حياته لهم ، وموته لهم ، وكفاحه من أجلهم ، دون هدف ذاتي أو منفعة خاصة . وليس لمحمد ميراث أدبى كما أنه لم يكن له ميراث مادي ، فالنبوة ليست ملكا ولا سلطانا يتوارثه الأهل ، ولما مات محمد انتقل سلطانه إلى القبائل كما
58
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 58