نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 54
وكان زاهدا في الدنيا ، يؤثر على نفسه ولو كانت به خصاصة ، وكان لا يدخر شيئا لغده ، حتى لقد توفى وقد رهن درعه عند يهودي في قوت عياله ، وكان شديد الزهد في الحياة المادية ، اتخذ فراشا خشنا ، وطعاما بسيطا ، بل لقد عانى الجوع أكثر من مرة ، وكان زهده في اللباس كزهده في الطعام . وكان لامع الذكاء ، عميق التفكير ، سريع البديهة ، وكانت تحيط به أحيانا مشكلات جسيمة ولكنه لم ينهزم أمام واحدة منها ، بل كان يبحث عن الحلول في وقت تقف فيه العقول عن التفكير ، وحسبك أن تذكر موقفه عندما حلت به الهزائم في غزوة أحد ، وخر صفوة من أتباعه ، ، وتشتت شمل جيشه ، ومسه هو الضر ، وسقط في حفرة والدم ينزف منه ، ونادى منادي قريش أن محمدا قد مات ، فأراد أحد المسلمين أن يكذبه ، وأن يصيح بأن محمدا لا يزال حيا ، ولكن الرسول أسكته فقد أدرك - وهو في حاله تلك - أن خبر وفاته سيوقف نشاط المنتصرين ، ويضمن السلامة لكثير من أتباعه ، وهذا ما كان . ومحمد - ككل مصلح وكل رسول - كان له أعداء ، ولا يزال له أعداه ، ولكن أحدا من هؤلاء لم يستطع أن يجرح أخلاقه ، أو أن يجد في صفاته ما ينال منه . وكثير من السمتشرقين الحانقين على الإسلام يذكر أن نجاح محمد كان نتيجة - لا لصدق دعوته - بل لذكائه ، وخلقه ، وحسن معالجته للأمور ، وتفوقه الذهني والخلقي على رجالات عصره . ومن خصائص الدين الذي جاء على يد محمد التوحيد المطلق الذي لا هوادة فيه ، وخلوه من التعقيدات اللاهوتية ، وبعده عن الكهنة والقرابين ، وقد
54
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 54