نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 47
العرب : في صور من وأد البنات ، وسبي النساء ، وعبادة اللات والعزى ومناة ، وفي حروب لا تنقطع ، وغارات لا تهدأ ، كان يعيش العرب قبل الإسلام ، ولعل أدق تصوير وأقصره لحالة العرب في الجاهلية في ذلك الذي قرره جعفر بن أبي طالب أمام النجاشي ملك الحبشة حينما سأله عن دين الإسلام وعن الرسول محمد ، قال جعفر : أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسئ الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف [1] . تلك صورة سريعة مجملة للعالم قبيل شروق الإسلام ، تلك الحالة التي وصفها الأستاذ Dinson في كتابه Emotions as the Basis of Civilizatiou بقوله : في القرنين الخامس والسادس كان العالم المتمدن على شفا جرف هار من الفوضى ، لأن العقائد التي كانت تعين على إقامة الحضارة قد انهارت ، ولم يك ثم ما يعتد به مما يقوم مقامها ، وكان يبدو إذ ذاك أن المدنية الكبرى التي تكلف بناؤها جهود أربعة آلاف سنة مشرفة على التفكك والانحلال ، وأن البشرية توشك أن ترجع ثانية إلى ما كانت عليه من الهمجية ، إذ القبائل تتحارب وتتشاجر ، لا قانون ولا نظام ، أما النظم التي خلفتها المسيحية فكانت تعمل على الفرقة والانهيار بدلا من الاتحاد والنظام ، وكانت المدنية كشجرة ضخمة متفرعة امتد ظلها إلى العالم كله ، واقفة تترنح وقد تسرب إليها العطب حتى اللباب . وبين مظاهر هذا الفساد الشامل ولد الرجل الذي كان خير دواء لهذا الداء .