نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 224
العلاقة هي العلاقة المثلى التي يرسمها الإسلام ويرغب للناس الانتماء إليها ، وقد تكونت في ظل هذه العلاقة ملايين الأسر الإسلامية التي حققت من التآلف والود أسمى الأمثلة ، ولكن الإسلام - كما قلنا - دين الفطرة ، فهو لا يهمل واقع الحياة ، وفي واقع الحياة خلافات تنشب بين الزوج والزوجة ، ولا بد من أساليب للتغلب عليها قبل أن تصل إلى الفرقة وهي السلاح البتار القاسي ، وقد وضع الإسلام مراحل للتوفيق بين الزوجين ، أشرنا إليها آنفا ، قال تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ، واهجروهن في المضاجع ، واضربوهن ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، إن الله كان عليا كبيرا ، وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما [1] " . وهكذا وضع الإسلام هذه الخطوات الأربعة وقسمها بحكمته السامية إلى مرحلتين ، أولاهما المرحلة التي يسوي الزوجان الخلافات بينهما دون تدخل عنصر خارجي ، وفي هذه المرحلة محاولات أو طرق ثلاثة مرتبة ترتيبا دقيقا ، أولها الوعظ وهو علاج رقيق هادئ ، يرمي إلى إعادة الحق إلى نصابه في يسر ، ويشرح وجهات النظر ، ويدعو لإزالة الجفة في حب وقرب ، فإذا لم ينفع هذا السلاح استعمل الزوج السلاح الثاني وهو الهجر ، والهجر سلاح يجمع بين اللين والشدة ، فيه يسر وفيه زجر ، فإذا تمادت المرأة في نشوزها ، ولم تستمع لهتاف الوعظ ، ولم يثنها الهجر ، كان للزوج أن يستعمل السلاح الثلاث وهو الضرب إذا سمحت الظروف به ، وذلك قبل أن ينكشف الستار ويلجأ الزوجان للمرحلة الثانية وهي مرحلة الحكمين ، حيث يجهران بأسرارهما ، ويعرضان حياتهما الخاصة لألسن الناس .