نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 139
استعدادهم للتضحية بمتع الحياة ظانين أن في ذلك ما يقربهم إلى الله ، فقال أحدهم : إني لا آكل اللحم أبدا . وقال آخر : وأنا لا أتزوج النساء أبدا . وقال ثالث : وأنا أقوم الليل ولا أنام على فراش . فلما عرف الرسول ذلك خرج وصاح فيهم : ما بال قوم يقولون كذا وكذا ، والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم ، ولكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وآكل اللحم ، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني . وروي عنه قوله : ليس في ديني ترك النساء اللحم ولا اتخاذ الصوامع . ويروى أن عمر بن الخطاب نظر إلى رجل مظهر للنسك متماوت ، فخفقه بالدرة ، وقال : لا تمت علينا ديننا أماتك الله [1] . ومما سبق ندرك أن الإسلام لا يعرف الرهبانية ، وإنما هو دين اعتقاد وعمل وعبادة ، وللعمل وقته وللعبادة وقتها ، وقد فصل الله هذا الاتجاه في قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله [2] " ومن أجل هذا يرى الباحثون المسلمون أن العمل عبادة ، وأن الله يثيب عليه لأنه أمر به ، ففأس الزارع ، ومبرد الصانع ، ولسان المعلم ، وقلم الكاتب وعين المدبر ، ومثيلاتها ، مصدر ثواب ورحمة لأصحابها ، وينمو ذلك الثواب كلما نما إخلاص المرء ، وكلما راقب الله في حسن أداء ما وكل إليه من عمل .
[1] المبرد : الكامل ج 2 ص 510 . [2] سورة الجمعة الآيتان 9 - 10 .
139
نام کتاب : مقارنة الأديان ، الإسلام نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 139