نام کتاب : مقارنة الأديان ، أديان الهند نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 202
وعلينا أن نحترس من مغالاة الشراح الأوربيين بهذه الفلسفة البوذية ، لأنهم يتعصبون لكل منسوب إلى الآرية ، على اعتبارها عنصر الأوربيين الأقدمين والمعاصرين ، فقد رفعوها فوق قدرها بلا مراء ، وزعموا أنها " جرأة العقل الكبرى " في مواجهة المشكلة الكونية ، وأنها الخطوة المقتحمة التي لم يذهب وراءها ذو عقيدة في مطاوح التأمل والإقدام . لكنها لا تحسب من الجرأة العقلية بوصف من الأوصاف ، فما هي إلا جرأة حسية في أقسى ما تطوحت إليه من الفروض والأظانين ، وما البوذية كلها إلا تململا من وطأة الحس والجسد ، وما سعادتها القصوى إلا ضيقا بالحس وهربا منه إلى الفناء أو اللاوعي على أحسن تقدير . فالبوذية فتح في ميدان التصوف أو ميدان " الوجدانيات " والفضائل الخلقية ، ولكنها ليست بالفتح الجرئ في معراج الوصول إلى الكمال ، كمال الإله . ويصور الأستاذ العقاد العلاقة بين البرهمية والبوذية أجمل تصوير في قوله : فالبوذية إنما قامت على أساس البرهمية في كل عقيدة من عقائد الأصول ، وإنما تميزت البوذية بتبسيط العقائد لطبقات من الشعب غير طبقات الكهان ، فأخرجتها من حجابها المكنون ، في المحاريب إلى المدرسة والبيت وصفوة المريدين [1] . أما مكان البوذية في العقائد فيصوره هذا الباحث بقوله : ولا تعتبر البوذية إضافة في صميم العقائد الدينية ، بل إضافة في آداب السلوك وفلسفة الحياة ، وإضافة في عرض الآراء على يد غير المستأثرين بها قديما من سدنة الهيكل والمحراب [2] .