نام کتاب : مقارنة الأديان ، أديان الهند نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 104
من أن تتطلب منه أن يفكر ، فالعلاقة بين الفيلسوف وبين العالم ليست إلا علاقة سحر وافتنان . وليس للفرد أهمية تذكر في الهندوسية ، ويكاد يكون مهتملا لأنه ليس إلا عضوا في جماعة هي بدورها عضو في جماعة أكبر ، وكل العناية تتجه للجماعة لا لأفرادها ، ثم إن أهداف الهندوسية الرئيسية هي الحالة العامة ( The Situation ) وليس للأفراد ولا حتى للجماعات أية قيمة إلا في ضوء الحفاظ على الحالة العامة . والهندوسية دين غموض وخفاء ، والصدق أهم معالم الهندوسية على اختلاف شعبها ، والزهد والحرمان طريق الهندوسية المفتوح للجميع كوسيلة للنقاء ، والهندوسية دين الحكمة ، ومن أجل الحكمة في الهندوسية تأثر الإغريق بها عندما ذهبوا إلى الهند واتصلوا بثقافاتها . وتستطيع الحكمة في الهندوسية أن تمد ثقافة العصر الحديث بعناصر نافعة خيرة ، ويرى بعض الباحثين أن اتصال الهندوسية بالحكمة أكثر من اتصالها بالروح . وقد مرت على الهندوسية آلاف السنين ، ولا تزال محتفظة بتعاليمها ، ولم يستطع إصلاح داخلي أن يغير من جوهرها ، ولا سمحت بإصلاح من الخارج ليقتحم عليها رقعتها ، فإذا هبت حركة إصلاحية داخلية كالبوذية ، أو جاءت من الخارج حركة إصلاحية كالإسلام ، كان تأثير الهندوسية في حركة المقاومة أكثر من تأثرها بها . على أن الهندوسية ستضطر لتنحني أمام الأفكار التي تقاوم اتجاهاتها الآن ، فلم يعد مستقبل أية أمة من الأمم في يدها وحدها ، ولعل نظام الطبقات سيكون أسرع نظم الهندوسية إلى الزوال [1] .