وكذا لا يصح لقس النصارى أن يعتمد في فتواه بأحكام التوراة على إمضاء المسيح لها ، وأمره بحفظ أقوال الكتبة والعمل بها لأنهم على كرسي " موسى " جلسوا " مت 23 : 2 و 3 " من دون أن يستقصي العهد الجديد بالفحص ليطلع ما يحكي عن المسيح من تحريم الطلاق والتزوج بالمطلقة " مت 19 : 9 " وما يحكي عن " بطرس " من تحليله لأكل جميع الحيوانات المحرمة في التوراة " ا ع 10 : 11 : 17 " . وما يحكي عن التلاميذ من رفعهم وجوب الختان وقيود التوراة إلا أربعة : الامتناع عما ذبح للأوثان ، والدم ، والمخنوق ، والزنى " ا ع 15 : 23 - 30 " ، ولا يصح له أيضا على أساسهم أن يفتي بوجوب الامتناع عن هذه الأربعة ما لم يوصله الفحص إلى الإباحة العامة المنقولة عن أقوال " بولس " " رو 14 : 14 وأتى 4 : 4 وتي 1 : 15 " وحتى يستنتج نتيجة من الأقوال المشوشة المضطربة المنقولة عن " بولس " في أكل ما ذبح للأوثان " 1 كو 8 : ي 1 - 13 و 10 : 19 - 22 و 29 و 30 " . ولا يفتي بكفاية الإيمان في النجاة أو بلزوم الأعمال حتى يوفق بما عنده بين الأقوال المنسوبة إلى " بولس " " عب 9 و 10 و 11 " وبين ما يضادها من الأقوال المنسوبة إلى " يعقوب " يع 2 و 3 " . وعلى مثل هذا وبخ علي عليه السلام رجلا تصدر للفتيا مع جهله بالناسخ والمنسوخ ، كما استشهد به المتكلف " يه 4 ج ص 156 " ولو لم يكن في الشريعة إلا ناسخ واحد لكفى جهله في لزوم التورع عن الفتيا ، ولم يكن جهل ذلك الرجل بالناسخ والمنسوخ من أجل كثرتهما بل لأجل كونه عاطلا من زينة العلم مؤثرا راحة الجهل وإن كان صاحبا لأبي موسى . فإن قلت : إن لي سوء الآن " أحدهما " هو أنه لم لو يوجب النسخ تشويشا فما هذا النزاع القائم في أمر الناسخ والمنسوخ في القرآن بين المكثر والمقلل ، " وثانيهما " هو أنه لماذا لا يوجد في النصرانية مثل هذا التشويش وهذا النزاع ، قلنا في السؤال الأول : إن التشويش لم يجئ من ذات النسخ ولم يوجب تشويشا في الشريعة ، فإن الناسخ والمنسوخ معلومان معروفان عند الأئمة والمجتهدين في