التواضع والتيقظ : 5 / 5 - 11 . الخاتمة : 5 / 12 - 14 . [ الحياة المسيحية بحسب رسالة بطرس الأولى ] كثيرا ما أغفل ما لرسالة بطرس الأولى من قيمة خاصة ، في حين أن هذه القيمة تظهر ظهورا واضحا ، حالما ينظر إلى الحالة التي استهدفتها الرسالة . فلم يكن شأن كاتبها أن يضع قواعد الإيمان ، وقد لقنها القراء الذين خاطبهم في رسالته ( 1 / 12 ) ، بل كان شأنه بالأحرى أن يحث الجماعات التي كانت تواجه مصاعب تتفاقم على الثبات ، معتمدة على الرجاء الذي بشرت به . ولذلك دعا الرسول قراءه إلى رفع أنظارهم نحو المسيح ، لكي يدركوا ( أو يستعيدوا إدراكهم ) ما فيه من قدرة على منح الحياة الجديدة ( 1 / 3 و 2 / 2 ) . يضاف إليه أنه ألح في ما للرجاء الممنوح من صفة الانتصار ، وهو ينبوع نشاط مستمر بهيج في الحياة يوما بعد يوم . أ ) التأصل في عمل المسيح : إن الكاتب على يقين من أن الله اختار في المسيح قراء رسالته ، فأصبحوا من شعبه ( 1 / 2 و 2 / 9 ) . وقد أراد مع ذلك أن يسير بهم إلى تأصل أعمق في العمل الذي أتمه معلمهم . وهذا ما عناه لما ذكرهم بذبيحة المسيح ( 1 / 2 و 1 / 19 ) وآلامه ( 2 / 21 - 24 ) ، ومراده أن يقتفوا آثاره ( 2 / 21 ) . وكذلك ألح في كلامه على انتصار المسيح ، وهو انتصار يمتد إلى جميع دوائر الكون ( 3 / 18 - 22 ) ، لا يقف الموت نفسه عقبة في سبيله ( 4 / 6 ) . فعلى المؤمنين أن يبقوا من بعد اليوم مرتبطين بذلك الذي هو حجر الزاوية ، والركن الركين للجماعة ( 2 / 4 - 8 ) . نذكر أن مسيحانية الرسالة هي أقرب إلى المسيحانية التي عرضت في أول أعمال الرسل ( وعلى الخصوص في خطب بطرس ) منها إلى المسيحانية عند بولس ( راجع موضوع عبد الله المتألم ، بحسب الشواهد الواردة أعلاه ودور المعمودية : رسل 2 / 38 - 40 و 1 بط 3 / 21 وراجع أيضا رسل 2 / 31 و 1 بط 3 / 18 ) . وجدير بالذكر أيضا أن في الرسالة صدى عدة شهادات إيمانية وأناشيد للجماعة المسيحية ( راجع على سبيل المثال 2 / 22 - 24 و 3 / 22 و 4 / 5 ) . ب ) الرجاء الحي : إن موضوع الرجاء هام منذ أول الرسالة ( 1 / 3 و 13 و 21 ) . ينظر إلى هذا الرجاء من جهة مصدره وهدفه ونتائجه . أما من جهة مصدره ، فهو ليس ثمر مخيلة الناس أو جهودهم ، بل هبة مجانية وهبها الله لهم بقيامة يسوع من بين الأموات ( 1 / 3 ) ( ويلاحظ الرباط الوثيق الذي يربط القيامة بتحقيق الخلاص : 1 / 2 و 3 / 21 ) . أما من جهة هدفه ، فإنه يقصد إلى الملكوت الآتي ، إلى الميراث البرئ من الفساد ، المضمون للمؤمنين ، إلى الساعة التي فيها يتحول الإيمان إلى المشاهدة والتي فيها ينال شعب الله ، على وجه تام مطلق ، الخلاص الذي يمنح في يسوع المسيح ( 1 / 4 و 7 و 13 ) . أما من جهة نتائج الرجاء من أجل حياة المؤمنين الحاضرة ، فإنه أبعد من أن يكون على مثال الرجل المتصلب أو المستكين المستسلم . فهو ، على نحو ما ، القوة الدافعة في سيرة جديدة ( 1 / 13 - 15 ) . ويمكن المؤمنين من الجهاد بفرح ( 1 / 6 ) ، لا على رغم ما يصيبهم من المحنة