[ رسالة القديس بطرس الأولى ] [ مدخل ] لا تلقى رسالة بطرس الأولى اهتماما كبيرا من قبل اللاهوتيين ، لأنها لا تحوي شرحا لاهوتيا بعيد الغور ، ولا تأتي بتعليم خاص ، بالنظر إلى مجمل العهد الجديد . وقد اهتموا على الخصوص بالفقرة التي تتناول الكهنوت الملكي ، وبالفقرة التي ورد فيها تبشير المسيح في مثوى الأموات . وأما بقية الرسالة فمن السهل إظهار صلة القرابة بينها وبين الأناجيل الإزائية وخطب أعمال الرسل وإرشادات القديس بولس الخلقية . ولكن أليس في توارد المعاني في هذه الرسالة وفي مؤلفات مختلفة الصيغ ما يفيدنا عن التعليم المسيحي في عصر الرسل وعن جوهر الحياة المسيحية ؟ كثير من المفسرين على يقين في الوقت الحاضر من هذا الأمر ، ولذلك لقي البحث في هذه الرسالة إقبالا على الاهتمام بها بين أهل الاختصاص منذ بضع سنوات . [ المرسل إليهم ] ليس في الرسالة إلا القليل مما قد يتيح لنا معرفة دقيقة للذين كتبت إليهم الرسالة . لقد وجهت إلى المسيحيين في خمسة أقاليم رومانية من آسية الصغرى ، إلى الذين اختارهم الله ، الغرباء المشتتين ( 1 / 1 ) . كانت لفظة " الشتات " تطلق على اليهود المقيمين في خارج فلسطين ، الأمر الذي قد يدعو إلى الافتراض ، لأول وهلة ، أن الكلام يتناول هنا اليهود الذين صاروا مسيحيين ، ولكن من الراجح كثيرا أن اللفظة استعملت استعمالا رمزيا للدلالة على المسيحيين المشتتين في العالم ( راجع 2 / 11 ) . ولا شك أن معظمهم كان من أصل وثني ، فإن التلميح إلى سيرتهم الماضية يصف سيرة وثنيين قدامي أكثر منه سيرة يهود ( 1 / 14 و 18 و 4 / 3 ) . غير أنهم كانوا قد اطلعوا اطلاعا حسنا على الكتاب المقدس ، كما يدل على ذلك الاكثار في الرسالة من استعمال ما ورد في العهد القديم . أنشأ أكثر الجماعات التي وجهت إليهم الرسالة بولس نفسه ، أو ، على أقل تقدير ، معاونوه الذين جالوا في مختلف أقاليم آسية الصغرى ، فانطلقوا من المراكز الرئيسية ( راجع ، على سبيل المثال ، ابفراس الذي حمل الإنجيل إلى قولسي ( قول 1 / 7 ) . إن تنظيم الخدم الروحية أقل تطورا منه في الرسائل الرعائية ويوافق حقبة تاريخية قديمة إلى حد ما من حياة الكنيسة في نشأتها الأولى . فيذكر الشيوخ