رجل ذلك الانتظار . إن يوم الرب الذي أنبأ به العهد القديم ، أي اليوم الذي فيه يتجلى الله ديانا للأبرار والفجار ، هو ، على ما يفهمه بولس ، يوم المسيح ، اليوم الذي يأتي في مجده ، مجد ابن الله ، لخلاص المؤمنين وهلاك الأشرار . في ذلك اليوم ، يجب على المؤمنين أن يكونوا لا غبار عليهم . يضاف إليه أن مجئ هذا اليوم ينتظر في مهلة قصيرة ( 4 / 15 : نحن الباقين إلى مجئ الرب ) . كان أبناء الجيل المسيحي الأول ، وفيهم بولس ، يعتقدون بأن عودة ربهم قريبة . وقد أوضح الرسول فكره في معرض كلامه على مسألة خاصة : أيا يكون مصير المسيحيين الذين يموتون قبل عودة المسيح ؟ أتراهم ، لأن مجئ الرب في المجد سيفوتهم ، أقل حظا من المسيحيين الذين سيكونون أحياء ؟ يظهر أن هذا السؤال خطر ببال الجماعات المسيحية في وقت مبكر . فإن عدم معرفة موعد عودة المسيح على وجه دقيق جعل كل مؤمن في خطر من أن يموت قبل اليوم المنتظر . فبدد بولس مخاوف مراسليه ( 4 / 13 - 18 ) ، مبينا أن الرجاء يبقى ثابتا ، لأنه مبني على قيامة المسيح وقدرة الله الذي أقام يسوع من بين الأموات . فالمسيحي ليس ميتا للأبد ، ولن ينسى الذي قام من بين الأموات أحدا من ذويه ، وسوف يشتركون جميعا في اليوم العظيم والمجد . متى حان الوقت ، سيقوم الذين ماتوا أولا ويذهبون مع المسيحيين الأحياء إلى ملاقاة الرب ليكونوا معه للأبد . يلقي بولس هذا التعليم ، مستندا إلى ما قاله الرب ( 4 / 15 ) ومستعملا الاستعارات التقليدية الواردة في أدب الرؤى عند اليهود ( صوت رئيس الملائكة وبوق الله المنبئ بقضائه ) . إنه لأمر ذو مغزى أن يرى بولس من العبث صرف الوقت في تحديد الأزمنة والآونة ، في حين أنه يلح في مباغتة ذلك اليوم الذي سيأتي كالسارق في الليل . سيظن الناس أنفسهم في سلام فيدهمهم الهلاك ( 5 / 2 - 3 ) . فعلى المسيحيين إذا أن يكونوا في هم من أمر واحد ، وهو أن يكونوا مستعدين دائما أبدا لاستقبال سيدهم وللسهر المتواصل . 2 ) الرسالة الثانية : يختلف اهتمام الكاتب في الرسالة الثانية اختلافا تاما عنه في الرسالة الأولى . اعتقد بعض المسيحيين أن عودة المسيح وشيكة ، فأخذوا يتصرفون في سيرتهم كما لو كان يوم الرب قد حضر ، متذرعين بتعليم للرسل أساؤوا فهمه ( 2 تس 2 / 1 - 2 ) . فإن بعض أعضاء الجماعة يسيرون سيرة باطلة ( 3 / 6 ) . والراجح أنهم أبطلوا ما تفرضه الحياة اليومية وأهملوا عملهم ( 3 / 10 - 12 ) . ما ورد في الفصل الثاني من توضيح للأحداث التي لا بد من وقوعها قبل مجئ الرب يوافق هذه الحالة ، فإنه يهدف إلى دفع كل استباق خداع ومحاربة كل وهم ، أجل ، إن المسيح سيأتي ليعاقب غير المؤمنين ويشرك المؤمنين في مجده ( 1 / 8 - 10 ) ، فإن هذا المجئ لن يكون مع ذلك إلا بعد سلسلة من التقلبات كالتي أكدت الرؤى اليهودية دائما حدوثها في كلامها على الأزمنة الأخيرة ، وكما أنبأ بها يسوع هو بنفسه ، على ما ورد في الأناجيل ( مر 13 وما يوازيه في متى ولوقا ) . ويمكن تلخيص سير الأحداث على هذا الوجه : - الشيطان يعمل في هذا العالم منذ اليوم ، يشهد عليه ما يعانيه المسيحيون من الاضطهاد ، ويقسم العالم قبل كل شئ بين المؤمنين والكفار . غير أن هذا الكفر سيزداد يوما بعد يوم ، وسينتشر الكذب والظلم وسيصبح التضليل ( الوهم ) أسوأ خطر ، فيخشى أن يحسب الباطل حقا والظلم عدلا .