تجاهدون الجهاد نفسه الذي رأيتموني أجاهده [30] والآن تسمعون أني أجاهده . [ الحفاظ على الوحدة في التواضع ] [ 2 ] 1 فإذا كان عندكم شأن للمناشدة بالمسيح ولما في المحبة من تشجيع ، والمشاركة في الروح [1] والحنان والرأفة ، 2 فأتموا فرحي بأن تكونوا على رأي واحد [2] ومحبة واحدة وقلب واحد وفكر واحد . 3 لا تفعلوا شيئا بدافع المنافسة أو العجب ، بل على كل منكم أن يتواضع ويعد غيره أفضل منه ، 4 ولا ينظرن أحد إلى ما له ، بل إلى ما لغيره . 5 فليكن فيما بينكم الشعور الذي هو أيضا في المسيح يسوع [3] . 6 فمع أنه في صورة الله [4] لم يعد مساواته لله غنيمة [5] 7 بل تجرد من ذاته [6] متخذا صورة العبد وصار على مثال البشر [7] وظهر في هيئة إنسان 8 فوضع نفسه [8] وأطاع حتى الموت موت الصليب .
[30] طورد بولس والقي في السجن عند زيارته الأولى لفيلبي ( رسل 16 / 19 - 40 و 1 تس 2 / 2 ) . ثم لم تخل حياته من الاضطهادات والمصاعب ( راجع 2 قور 11 / 24 - 12 / 10 ) . وكذلك أهل فيلبي ، ففي تألمهم في سبيل المسيح يشاركونه في كفاحه ( 1 / 7 و 27 وراجع قول 1 / 29 و 2 / 1 و 4 / 12 ) . [1] إن قارنا هذا النص ب 2 قور 13 / 13 ، وجدنا في مطلع هذه الآية تلميحا إلى الابن ، والآب ( وإليه كثيرا ما تنسب المحبة ) ، والروح . [2] يعرف بولس بخبرته ما أيسر أن تنشأ المخاصمات والمنازعات في الجماعات . ولقد شعر بعلامات لها في فيلبي ( 1 / 27 و 2 / 14 و 4 / 2 ) فحث مراسليه على الوحدة والوفاق . وهذا النوع من الارشاد ، وهو كثير عند بولس ( راجع روم 12 / 16 و 15 / 5 و 2 قور 13 / 11 ) ، لا يناقض ذلك الفرح الواثق الذي يسود الرسالة كلها . ولا تتم الوحدة إلا بحياة تواضع وزهد وخدمة كان المسيح قدوة لهم فيها . [3] إن مشاعر المسيح التي يستند إليها بولس لا تزال حاضرة فعالة . والآيات 6 - 11 تختلف ، بإنشائها ومضمونها ، عن الفقرة التي ترتبط بها هذه الآيات ، حتى رأى المفسرون فيها نشيدا مسيحيا قديما جدا لربما حوره بولس واستشهد به . في النشيد تعارض بين تواضع المسيح ( الآيات 6 - 8 ) ورفعه من قبل الله ( الآيات 9 - 11 ) . [4] تعبر كلمة " صورة " هنا وفي الآية 7 عن أكثر من مظهر ، بل إنها الصورة الظاهرة التي تكشف الكيان الصميم ، أو " صورة " الله ، أي كيان الله نفسه في المسيح ، إشارة إلى تك 1 / 27 و 5 / 1 . [5] هناك تفسيران يتجابهان . يعتقد بعض المفسرين بأن صورة الله هي حالة المسيح قبل تجسده ، وهذا التجسد هو الصورة الأولى لتواضع المسيح . وفي هذه الحال ، فمن شأن " الغنيمة " ( المساواة لله ) أن يحافظ عليها ويدافع عنها ، لا أن يستولى عليها . لكن الكلمة اليونانية المترجمة بغنيمة تعني بالأحرى غنيمة يسعى إلى امتلاكها . وفي هذه الحال ، يتجلى انعكاس كيان الله ( " صورة الله " ) في تصرف المسيح على الأرض ، فيكون في ذلك تلميح إلى آدم الذي حاول أن يكون مساويا لله ( تك 3 / 5 و 22 ) : فالمسيح اختار على هذه الأرض التواضع والطاعة بدل الكبرياء والعصيان . وهذا التضاد بين آدم والمسيح ، المرسوم هنا في خطوطه الأولى ، سيعود إليه بولس في نظريات أوسع ( روم 5 / 14 و 1 قور 15 / 45 - 47 ) . [6] الترجمة اللفظية : " افرغ نفسه " ( راجع 1 قور 9 / 15 و 2 قور 9 / 3 ) . لكن هذا " الإفراغ " أو الملاشاة لا يفترض أن يسوع لم يعد مساويا لله أو لم يعد صورة الله : ففي تواضعه نفسه يكشف لنا كيان الله ومحبته . والأفعال الخمسة التالية تصف هذا التواضع . اتخذ المسيح صورة العبد ، وبولس فكر ، ولا شك ، في عبد الرب الوارد ذكره في اش 52 / 13 - 53 / 12 . يرى بعض المفسرين في فعل " تجرد " ترجمة ل اش 53 / 12 ب العبري ( " أسلم نفسه للموت " ) ، وهي ترجمة أدق من الترجمة السبعينية . [7] على مثال " البشر " في صيغة الجمع ، لأن المسيح تمثل بالبشرية جمعاء . [8] إذا كان التجسد مظهرا أولا من مظاهر " التجرد من الذات " ، فإليك المظهر الآخر . على مثال العبد الوارد ذكره في اش 53 ، اختار المسيح التواضع طاعة لمشيئة أبيه ( روم 5 / 19 و 6 / 16 - 18 ) ، ولقد أطاع حتى مات " موت الصليب " الذي يفرض على المجرمين ( عب 12 / 2 ) . هذا هو " عثار " الصليب ، وهو أحد أهم مواضيع تبشير بولس ( 1 قور 1 / 18 - 25 و 2 / 1 - 2 وغل 6 / 14 ) .