الذي تم في المسيح يسوع ، 25 ذاك الذي جعله الله كفارة [19] في دمه بالإيمان ليظهر بره ، بإغضائه عن الخطايا الماضية في حلمه تعالى ، 26 ليظهر بره في الزمن الحاضر فيكون هو بارا ويبرر من كان من أهل الإيمان بيسوع [20] . 27 فأين السبيل إلى الافتخار ؟ لا مجال له . وبأي شريعة ؟ أبشريعة الأعمال ؟ لا ، بل بشريعة الإيمان 28 ونحن نرى أن الإنسان يبرر بالإيمان
( 18 ) إن الاسم المستعمل هنا يكرر تسع مرات في العهد الجديد . أما في العهد القديم ، فالفعل المجرد المقابل له كثيرا ما يستعمل للدلالة على التحرير الذي وهبه الله لشعبه : من عبودية مصر ( تث 7 / 8 و 15 / 15 الخ ) ومن الجلاء إلى بابل ( اش 41 / 14 و 43 / 1 الخ ) ، ومن الخطيئة على وجه أعمق ( مز 130 / 8 ) . وهنا " التحرير " المشيحي قد تم في يسوع المسيح ( 1 قور 1 / 30 وقول 1 / 14 ) . إنه مغفرة الخطايا ( قول 1 / 14 واف 1 / 7 ) وغايته إنشاء شعب جديد أصبح خاصة الله ( أف 1 / 14 وراجع خر 19 / 5 ) ، بعد أن كان عبد الخطيئة والموت ( روم 6 / 6 و 20 - 21 ) . إنه عطية مجانية من حرية الله المطلقة في يسوع المسيح ( أف 1 / 7 ) . وبالمسيح الذي مات وقام ، ينال المؤمن منذ الآن هذا الفداء ( روم 3 / 24 وقول 1 / 14 واف 1 / 7 و 1 قور 1 / 30 ) ، ولكن هذا الفداء لن يكون تاما ونهائيا إلا في آخر الأزمنة ( أف 1 / 14 ) ويشمل جسد الإنسان ( روم 8 / 24 ) والخليقة كلها ( روم 8 / 22 ) . أما مفهوم " الفدية " ، أي الثمن المدفوع لإخلاء سبيل سجين أو لافتداء أسير ، فهو حاضر ، من جهة اشتقاقه اللغوي ، في أصل المفردات التي يستعملها بولس ، وليس غائبا عن فكره . كثيرا ما يقول بولس أن المسيحي " اشتري " أو " افتدي " ( 1 قور 6 / 20 و 7 / 23 وغل 3 / 13 و 4 / 5 ) . لكن هذه العبارة تعني قبل كل شئ أن المسيحي هو " خاصة " الله ، ومحرر من عبودية الخطيئة والموت . وإذا ذكر " ثمن " هذا الافتداء ( 1 قور 6 / 20 و 7 / 23 ) ، فللتشديد على ما كلف هذا الفداء ، حتى أن الله ، لكثرة محبته لنا ، لم يتردد في تسليم ابنه ( روم 5 / 8 و 8 / 32 ) . وثمن هذا الفداء هو " دم " يسوع ، أي حياته المبذولة عن محبة ( أف 1 / 7 وراجع 1 بط 1 / 19 ) . أما " كيف " يجري الله فداءنا في المسيح ، فإن بولس يعبر عنه في وقت واحد باستعمال مفردات حقوقية ( روم 8 / 3 : أرسل الله ابنه في جسد يشبه جسدنا الخاطئ ، فحكم على الخطيئة في الجسد . راجع أيضا 2 قور 5 / 21 وغل 3 / 13 ) وألفاظ ذبائحية ( 3 / 25 : تكفير ، و 8 / 3 : ذبيحة عن الخطيئة ) ومفردات تدل على المشاركة ( 6 / 4 - 10 : " فإذا اتحدنا به فصرنا على مثاله في الموت ، فسنكون على مثاله في القيامة أيضا " ( الآية 5 ) . ليس المطلوب أن نختار بين هذه التعابير ، بل أن نجعل لهذه التعابير الثلاث قيمتها ، وقد يفضل الوجه الذبائحي : فالمسيح يتضامن ، بذبيحته ، مع البشرية الخاطئة ويصبح رأس البشرية الجديدة التي تشترك في حياته ، مقربا نفسه لله وجاعلا نفسه عن محبة في خدمة البشر ( راجع أف 5 / 1 - 2 وروم 12 / 1 ) . راجع الحواشي على روم 3 / 25 و 6 / 7 و 10 و 7 / 4 و 8 / 3 و 4 ) . [19] في الترجمة اليونانية للعهد القديم ، تدل " الكفارة " على مكان الرش في عيد التكفير السنوي في هيكل أورشليم . في أثناء هذه الحفلة ، كانت خطايا إسرائيل تغفر ( اح 16 ) . يرى بولس إذا في هذه الرتبة صورة لذبيحة المسيح . يبذل المسيح " دمه " ، أي إنه يقرب نفسه ذبيحة ، فيهب لنا غفران الله " بالإيمان " وهو وحده يمكننا من الاستفادة من هذا الغفران وهذا الخلاص . وهناك مفسرون آخرون يرون في هذه الكلمة موصوفا مجردا ( " وسيلة تكفير " ) لا صلة له بكفارة الهيكل . [20] يبين لنا صليب المسيح ما هو بر الله في الماضي ( برا خلاصيا ينجز المواعد عن نعمة : راجع روم 1 / 17 + ) . يركز بولس على أحد مواضيع العهد القديم ، فيقول إن الله كان يحبس غضبه في الماضي عن رحمة ويترك الخطايا بلا عقاب ( خر 34 / 6 - 7 ومز 103 / 8 واش 48 / 9 وار 15 / 15 ) . ولم يكن لهذا الصبر من معنى إلا نظرا إلى الغفران النهائي في المسيح . أما الآن ، فإن هذا البر قد تجلى تماما في صليب المسيح الذي به يبرر الله الإنسان الخاطئ . إن قول بولس : " جدنا إبراهيم " لا يعني حتما أنه يوجه كلامه إلى مسيحيين يهود . فقد يكون أنه يتضامن مع الشعب اليهودي أو يعد إبراهيم أبا لجميع المؤمنين ، أيا كان أصلهم ، وهي فكرة هذا الفصل الجوهرية . يستند بولس إلى شخص إبراهيم ليبين أن التبرير بالإيمان لا يناقض كتب العهد القديم ، لا بل هو موضوعها الأساسي . وبذلك يثبت بولس ما في العهدين من وحدة لاهوتية . وقد ورد ذكر إبراهيم في غل 3 / 6 - 9 .