لكم فلم تصغوا ، فلماذا تريدون أن تسمعوه ثانية ؟ أتراكم ترغبون في أن تصيروا أنتم أيضا تلاميذه ؟ " 28 فشتموه وقالوا : " أنت تلميذه ، أما نحن فإننا تلاميذ موسى . 29 نحن نعلم أن الله كلم موسى ، أما هذا فلا نعلم من أين هو " [13] . 30 أجابهم الرجل : " فعجيب أن لا تعلموا من أين هو وقد فتح عيني . 31 نحن نعلم أن الله لا يستجيب للخاطئين [14] ، بل يستجيب لمن اتقاه وعمل بمشيئته [15] . 32 ولم يسمع يوما أن أحدا من الناس فتح عيني من ولد أعمى [16] . 33 فلو لم يكن هذا الرجل من الله ، لما استطاع أن يصنع شيئا " [17] . 34 أجابوه : " أتعلمنا أنت وقد ولدت كلك في الخطايا ؟ " ثم طردوه . 35 فسمع يسوع أنهم طردوه ، فلقيه وقال له : " أتؤمن أنت بابن الإنسان ؟ " [18] 36 أجاب : " ومن هو ، يا رب ، فأومن به ؟ " 37 قال له يسوع : " قد رأيته ، هو الذي يكلمك " . 38 فقال : " آمنت ، يا رب " وسجد له . 39 فقال يسوع : " إني جئت هذا العالم لإصدار حكم : أن يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون " [19] . 40 فسمعه بعض الفريسيين الذين كانوا معه فقالوا له : " أفنحن أيضا عميان ؟ " 41 قال لهم يسوع : " لو كنتم عميانا لما كان عليكم خطيئة . ولكنكم تقولون الآن : إننا نبصر فخطيئتكم ثابتة " [20] .
[13] إن المكانة التي احتلتها الشريعة في الدين اليهودي قد ساعدت على رفع شأن " موسى " المشترع . وكان الفريسيون يميلون إلى عده المعلم المثالي . فبقدر ما كان يسوع يبدو حامل الوحي التام النهائي ، كان لا بد من إظهار الفرق بينه وبين موسى . [14] هذه حقيقة شائعة ( اش 1 / 15 ومز 66 / 18 و 109 / 7 ومثل 15 / 29 وأي 27 / 9 و 35 / 13 ويو 16 / 23 - 27 و 1 يو 3 / 21 - 22 ) . [15] يجمع يوحنا بين التقوى التي يمتاز بها اليونانيون والمثال الأعلى الكتابي الذي كان يشدد بالأحرى على الطاعة لله . [16] في طو 7 / 7 و 11 / 7 - 13 و 14 / 1 ، لا يدور الكلام على أعمى منذ مولده ، علما بأن هذه الرواية لا تنتسب إلى المؤلفات الأساسية في التقليد اليهودي . [17] مرحلة جديدة من مراحل سير الإيمان : فالذي كان أعمى قد اعترف بيسوع نبيا ( 9 / 7 ) وهو يعلن الآن أنه ما من أحد في إسرائيل حتى اليوم كان رجل الله بمقدار يسوع . [18] هذه هي المرحلة الأخيرة ، فلقد بلغ المعافى أقصى درجات شهادته فاحتمل الاضطهاد . أتى يسوع لملاقاته وكشف له عن كونه " ابن الإنسان " ، أي ذاك الذي أتى من السماء ليجمع شمل البشر ويرتفع بهم إلى المشاركة في حياة الله ( 1 / 51 و 3 / 14 - 15 و 6 / 62 - 63 ) . [19] تحدث رسالة يسوع في هذا العالم انقلابا حقيقيا في المواقف . هذا ما يعبر عنه تأكيدان هما على صعيدين مختلفين : العميان الذين يؤمنون بيسوع يشفون ويبلغون معرفة الوحي ، والمتباهون بالتمتع بالنور ( راجع 9 / 16 و 22 و 24 و 29 و 34 ) عاجزون عن رؤية ( 14 / 9 ) الذي يأتي بنور الخلاص ( 9 / 5 و 8 / 12 ) . فهم يغلقون على أنفسهم للأبد في الظلمات والهلاك ( راجع 3 / 17 - 21 ومر 4 / 11 - 12 ) . [20] لو كانوا عميانا على مثال الذي شفي ، لكانوا بلا خطيئة . لكن الذين يعتمدون بعجب على ما عندهم لن يؤمنوا بيسوع الذي يستطيع وحده أن ينتشلهم من الخطيئة ( راجع 3 / 36 ) .