وذلك الدين دين كثير التنوع ( فالآلهة كثيرة ) ، ولكن العبادة تقتصر على الطقوس وحدها ، فيحسن تكريم الآلهة وتقريب الذبائح وفقا للأصول المرعية . فهذه هي التقوى . وتشمل الحفلات صلوات طقسية ( دعاء ودعوة الإله إلى الذبيحة وطلب للخيرات ، وذبائح ينظرون إليها نظرهم إلى هدايا تهدى إلى الإله ، وهي على العموم مآكل ، فيحرق جزء من الذبيحة ، في حين أن بقيتها يأكلها كهنة المكان أو المؤمنون ، أو تباع في السوق . وذلك أصل المسائل التي تعرض للمسيحيين الذين يشترون ذلك اللحم أو يدعون إلى تلك المآدب ( 1 قور 8 ) . ويعبر الإنسان أحيانا كثيرة عن شكره لله الذي استجابه بتحف النذور كالتي عثر عليها في حفائر بركة الغنم في أورشليم ( وكان هناك معبد وثني خاص بإله يشفي من الأمراض ) . وقد ساعد اختلاط الأفكار والناس على نشر عبادات من أصل شرقي ميزتها أقل طلبا للمتعة المادية . نذكر عبادات ايزيس وفيها اختبارات متتابعة تصحب التلقين وتسير بالإنسان إلى الاندماج في أوزيريس الإله الذي مات فأعادته أساليب ازيس السحرية إلى الحياة . فقد كانوا يعلنون أنها تحتوي ضمانا للخلود . إن الأسرار أوثق ارتباطا بالعبادة الوطنية وتحافظ على صلاتها المحلية ، ولو شاع ذكرها في طول الأمبراطورية وعرضها . إنها عبارة عن طقوس مقدسة يستعد لها المرء لمدة طويلة في جو يشغل فيها معنى كتم السر مكانا كبيرا . وما هي في أكثر الأحيان سوى طقوس موسمية غايتها أن تضمن التلقيح ، ولكن يدعى فيها أحيانا أنها تعطي المؤمنين بها ضمانات للحياة بعد الموت ( وذلك بقوة الطقس وحده فلا شأن للتعليم أو العقيدة في الأمر ) . هكذا كانت أسرار اليزيس وأسرار ديونيزس ( باخس ) وفيها يعبر تعبيرا وحشيا عن الحاجة إلى الانعتاق بالانخطاف والهذيان المقدس في أثناء سباقات جنونية وتناول لحوم لا تزال تختلج . فإن إلها يمكن المؤمنين به من الانعتاق إلى حين من أحوال هذه الدنيا لا يتركهم بعد موتهم . تلك بعض أهم صفات العالم الذي كان للمسيحيين الأولين أن يعيشوا فيه ، والشهادة التي يعلنونها في إيمانهم هي أن المسيح هو وحده الرب وليس الإمبراطور ، فله تجب الطاعة ولو تعرضوا لأن يخالفوا مخالفة صريحة الدين الذي يسود الحياة كلها في بيئتهم . فلا يمكن المرء أن يعبد الرب إلا في حياة منذورة له ، وهو يسير سيرة مستوحاة كلها من الحب والمسيح شاهد لذلك الحب وفيه عربون الحياة الأبدية .