الخطايا . 5 وكانت تخرج إليه بلاد اليهودية كلها وجميع أهل أورشليم ، فيعتمدون عن يده في نهر الأردن معترفين بخطاياهم [9] . 6 وكان يوحنا يلبس وبر الإبل [10] وزنارا من جلد حول وسطه ، وكان يأكل الجراد والعسل البري . 7 وكان يعلن فيقول : " يأتي بعدي من هو أقوى مني ، من لست أهلا لأن أنحني فأفك رباط حذائه [11] . 8 أنا عمدتكم بالماء ، وأما هو فيعمدكم بالروح القدس " [12] . [ اعتماد يسوع ] 9 وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل ، واعتمد عن يد يوحنا في الأردن [13] .
( 8 ) " معمودية " . تستعمل هذه الكلمة في العهد الجديد للدلالة على معمودية يوحنا وعلى المعمودية المسيحية ، وهي تشابه الكلمات الدالة على الاغتسال الذي كان يمارس في الدين اليهودي للاطهار من النجاسات الطقسية ( يه 12 / 7 وسي 34 / 25 ومر 7 / 4 وعب 6 / 2 و 9 / 10 ) . ولدينا شاهد ، يعود إلى نهاية القرن الأول ق . م . ، على وجود رتبة اغتسال الدخلاء في الدين اليهودي . وفي أيام يوحنا ، انتشرت هذه الممارسة انتشارا واسعا . هذا شأن جماعة قمران حيث كان الاغتسال اليومي ، المقتصر على الأعضاء الذين نذروا أنفسهم ، يعبر عن مثالهم الأعلى في الطهارة ، من غير أن يحل محل ما يلزم من التحول الباطني ، وهم ينتظرون الأطهار الجذري ( القانون 2 / 25 - 3 / 12 ) . تختلف معمودية يوحنا عن كل ذلك ، فإنها معروضة على جميع الناس ، ولا تمنح إلا مرة واحدة ، كاستعداد أخير إلى الدينونة ، إلى " معمودية " آخر الأزمنة ( راجع 1 / 8 + ) . وهي تحتوي على شرط جوهري ، أي " التحول الباطني " ( راجع متى 3 / 2 + ) وتهدف إلى " مغفرة الخطايا " ، التي كانوا ينتظرونها من ذلك الحين ، من حيث أنها هبة من ملكوت الله المعلن عنه ( راجع الوعد باطهار إسرائيل : اش 1 / 16 و 4 / 4 وحز 36 / 25 ) . [9] يدل الفعل على اعتراف الإنسان بخطاياه بالقول ، لا بمجرد القيام بالحركة . في الدين اليهودي المعاصر ، كان الاعتراف بالخطايا يمارس في بعض الظروف ( مثلا في رتب التكفير : راجع اح 5 / 5 - 6 و 26 / 40 و 2 أخ 6 / 37 ونح 1 / 6 ودا 9 / 20 ، أو في رتب تجديد العهد : راجع عز 10 / 1 ونح 9 / 2 ) . وكان يعبر ذلك الاعتراف عن التوبة إلى الله لنيل غفرانه ( راجع مز 32 / 5 ومثل 28 / 13 ولو 18 / 13 - 14 ويع 4 / 10 و 1 يو 1 / 9 ) . ويرد ذكره في رسل 19 / 18 في صلة مع المعمودية المسيحية ( راجع 20 ) . [10] وبر الإبل : شعر الجمال . في بعض المخطوطات : " يلبس وبر الإبل " ، أو " جلد الإبل " فقط . وقد تكون القراءة التي ترجمناها هنا ، وهي قراءة معظم المخطوطات ، قد تأثرت بنص متى 3 / 4 للتشديد على الشبه بين يوحنا وإيليا ( 2 مل 1 / 8 ) . [11] في نظر مرقس ، تشير كرازة يوحنا إلى الذي " يأتي بعده " ، وهذه العبارة ، التي تدل على المرتبة ، كما الأمر هو في المواكب ( راجع 1 / 17 و 20 و 8 / 33 - 34 ) ، تبرز التباين القائم بين يوحنا ويسوع : فالذي يأتي بعد هو " الأقوى " في الواقع . أن القوة ، وهي من صفات المشيح ( راجع اش 11 / 2 و 49 / 25 و 53 / 12 ومزمور سليمان 17 / 24 ) ، ستظهر في صراع يسوع مع الشيطان ( 3 / 27 + ) . والذي يتقدم ليس في الواقع سوى خادم : فإن ربط الحذاء أو حله كان من أعمال العبيد ( راجع يو 13 / 4 - 17 ) . [12] يشدد هذا الكلام على المسافة الفاصلة بين عمل يوحنا الذي يمتاز بمعمودية الماء وعمل المشيح بأنه معمودية الروح القدس . مرقس لا يذكر النار ( راجع متى 3 / 11 + ) . ليس المقصود هنا العنصرة ( رسل 1 / 5 ) أو المعمودية المسيحية ( رسل 11 / 16 و 19 / 1 - 6 ) ، بقدر ما هو عمل الخلاص الذي افتتحه يسوع والتطهير والتقديس الأخيري بالروح القدس ( كانت جماعة قمران تتوقع حدوثه في آخر الأزمنة ) . [13] إن ظهور يسوع في الساحة العلنية تم كما يشير به يوحنا . لا يركز الاهتمام على معموديته بقدر ما يركز على الوحي السماوي الذي تبعها ( الآيتان 10 - 11 ) .