responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة    جلد : 1  صفحه : 65


الغنى والاقتدار ، وقد قال سبحانه وتعالى : " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ، نسارع لهم في الخيرات ، بل لا يشعرون " ، فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم ، ولقد دخل موسى بن عمران ، ومعه أخوه هارون عليهما السلام ، على فرعون ، وعليهما مدارع الصوف ، وبأيديهما العصي ، فشرطا له إن أسلم ، بقاء ملكه ودوام عزه ، فقال ( ألا تعجبون من هذين ! يشرطان لي دوام العز وبقاء الملك ، وهما بما ترون من حال الفقر والذل ) ، فهلا ألقي عليهما ( أساور من ذهب ) ، إعظاما للذهب وجمعه ، واحتقارا للصوف ولبسه ، ولو أراد الله سبحانه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان ، وأن يحشر معهم طير السماء ووحوش الأرض ، لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الأنباء ، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين ، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين ، ولا لزمت الأسماء معانيها ، ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم ، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى ، وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى ، ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك تمتد نحوه أعناق الرجال وتشد إليه عقد الرحال ، لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار ، وأبعد لهم في الاستكبار ، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم ، فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة ، ولكن الله سبحانه أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام لطاعته ، أمورا له خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة ، وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم ، كانت المثوبة والجزاء أجزل !
ألا ترون أن الله سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه ، إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ، ولا تسمع ولا تبصر ، فجعل بيته الحرام الذي جعله للناس قياما ، ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا وأضيق بطون الأودية قطرا بين جبال خشنة ورمال دمثة ، ثم أمر آدم

65

نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة    جلد : 1  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست