نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة جلد : 1 صفحه : 436
حصره ، كما بين مكانة العلماء والباحثين الذين يقومون بدرس آياته الكونية أو غيرها ، وفضلهم على غيرهم حتى قال " هل يستوي الذين يعلمون ، والذين لا يعلمون " ، وقال : " إنما يخشى الله من عباده العلماء " ، وهذه إشادة كبيرة بالعلوم ، اختص بها الإسلام ! ( ز ) لعل المقصود من الآيتين معا " اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق " ، تنبيه الأذهان إلى ما يثير الإعجاب بخلق الإنسان ، والتنويه منه تعالى بإيماء ورفق ، إلى وجوب مقارنة عمله في خلق الإنسان بعمله في خلق سائر الكائنات ، ولا غرو فإنه ميز الإنسان بخواص كالعقل والنفس وغيرهما ولقد أشار سبحانه إلى هذه الفكرة في آية أخرى بقوله " ثم أنشأناه خلقا آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين " ، بما لا يوجد مثلها لسائر المخلوقات ، ثم إن المخلوقات الأخرى في الكون تختلف عن طبيعة الإنسان ، إذ أنها كلها تسير بحركة آلية أو شبه آلية ، مدفوعة فيها بقوة عظيمة ولا إرادة لها فيها ، بينما قد خلق الإنسان وله إرادة تجعله حرا في حركاته وتصرفاته ، ثم إن له علقا أي روابط بغيره تقتضيها إنسانيته ، وجعل له العقل لتدبير هذا العلق ، ثم إنه جعل المخلوقات الأخرى مسخرات له ، وخصه بميزة التمتع بجميع ما في الأرض ، ومنحه قدرة على العمل فيها بالتعمير والتجميل والتركيب والتحليل والتسخير والتذليل ، وقد بين الله تعالى من أجل ذلك سبيل معرفة الكائنات ، وحثه على تعرف حقيقتها بدراسة خواصها وطبيعتها ، ليتمكن من الحصول على موادها وتسخير قواها ، بقوله تعالى " اقرأ باسم ربك الذي خلق " ، والإنسان في تدرجه وارتقائه محتاج للعلوم ، لتسهيل سبل هذا التدرج والارتقاء ، فكان من كرم الله تعالى أن يسرها له ، وأمره أيضا بدراستها دراسة علمية ، فقال " اقرأ ، وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم " . ويلاحظ أن آية " خلق الإنسان من علق " بجعلها بهذه الصيغة ، وفي هذا الموضع بين آية " اقرأ باسم ربك الذي خلق " ، وبين " اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم " ، قد أوجد تعالى بين الآيات جميعا ،
436
نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة جلد : 1 صفحه : 436