نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة جلد : 1 صفحه : 313
الفكرة الحسية في الدرجة الثانوية ، بل ونسموا بها إلى فهمها الفهم القريب من الروح ، ونحن بذلك نسمو باللذة الممكن تصورها في الجنة ، من غير نكران لحسيتها ، بجعلنا الحسي تابعا للروحي ، إذ أكثر جزئياته روحية ! ولو تدبرت قوله تعالى في سورة السجدة " فلا تعلم نفس ، ما أخفى لهم من قرة أعين ، جزاء بما كانوا يعلمون " ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قدسي عن ربه تعالى " أعددت لعبادي الصالحين ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " ، لو صلت إلى أن المذكور في القرآن في سورتي الرحمن والواقعة وغيرهما ، وفي الأحاديث الصحيحة ، لا يفيد أن المذكور ، مذكور على سبيل الحصر ، بل على سبيل التمثيل لما سيوجد ، ولعرفت أنا وقد ستبعدنا الأخذ بالنظرية التصويرية ، لمخالفتها لكثير من النصوص ، وما تحتمله قرائنها مثل الطمث للحور ، لا نجد أمامنا إلا أحد أمرين : إما أن تأخذ بالنظرية الحسية ( أي بتغليب اللذات الحسية على الروحية ) ، أو أن نأخذ بالنظرية الروحية التي تغلب اللذة الروحية على الحسية ، فلو أخذنا بحسيتها تغليبا ، لنزلنا بها ولشبهناها بلذة الدنيا المتواضعة ، فأخرجناها من سموها الذي يجب أن تكون فيه ، لتتلاءم مع نفوس أصحابها ، ولذا لم يكن بد من أن نأخذ بروحية اللذات تغليبا ! على أن أسمى لذات الجنة بعد رضوان الله تعالى ، دوامها ، دوامها وأبدية الجنة ، ولقد سمى الله تعالى الجنة بالحيوان في قوله " وإن الدار الآخرة ، لهي الحيوان " ، والمراد بها الجنة عند أهل التفسير ، أي لهي دار الحياة الدائمة التي لا موت فيها ولا تنغيص ولا نفاد لها ! ولا ينفي هذه الأبدية الاستثناء الوارد في قوله تعالى " وأما الذين سعدوا ، ففي الجنة ، خالدين فيها ما دمت السماوات والأرض ، إلا ما شاء ربك ، عطاء غير مجذوذ [1] " ، لأنه سبحانه أكد خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القرآن ، وأخبرهم أنهم لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ، فيمكن أن يقال إنه سبحانه أخبر عن خلودهم في الجنة في