نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة جلد : 1 صفحه : 308
وعقلية لا حسية ، وفعلية لا انفعالية ، وإلهية لا بهيمية ! " ثم يحدثنا بعد ذلك عن " الجوهر الإلهي الذي في الإنسان ، وأنه إذا صفا من كدورته التي حصلت من ملابسة الطبية ، ولم تجذبه أنواع الشهوات وأصناف محبات الكرامات ، اشتقاق إلى شبيه ، ورأى بعين عقله ، الخير الأول المحض الذي لا تشوبه مادة ، فأسرع إليه ، وحينئذ يفيض نور ذلك الخير الأول عليه ، فيلتذ به لذة لا تشبهها لذة ، ويصير إلى معنى الاتحاد ، استعمل الطبيعة البدنية أم لم يستعملها ، إلا إنه بعد مفارقته الطبيعة بالكلية ، أحق بهذه المرتبة العالية ، لأنه ليس يصفو الصفاء التام ، إلا بعد مفارقته الحياة الدنيوية ! " فترى من هذا كله ، إعزاز الجانب الروحي في الدنيا ، وهو بلا ريب في الآخرة أعز ، وفي الجنة أوفى ! وبذا ترى أن أسمى جزء في التمتع ، هو التمتع بالفكرة الروحية ، وأن يكون المؤمنون في مقعد صدق ، عند مليك مقتدر ، ينظرون إلى وجه الله الكريم ، وقد أشرقت في وجوههم نضرة النعيم ، ولهم فيها كل ما يشتهون ، وأنهم في كل يوم بفناء العرش يحضرون ، وأنهم ينالون بالنظر من الله ، ما لا ينظرون معه إلى سائر نعيم الجنان [1] ! مدى تمتع كل من الروح والجسد : هناك من يرى أن الجنة رمز ومجاز ، ولكن لما كانت اللذات الأخروية ، هي لذات لا تدرك إلا بالعقل المحض ، فقد قال مثل العلامة الأصفهاني " أنه لما أراد الله أن يقرب معرفة تلك اللذات من أفهام الكافة ، شبهها ومثلها لهم ، بأنواع ما تدركه حواسهم ، فقال تعالى " مثل الجنة التي وعد المتقون ، فيها أنها من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغر طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى " ، ليبين للكافة طيبها بما عرفوه من طيب المطاعم ، وقال " مثل الجنة " ، ولم يقل الجنة ، لينبه الخاصة على أن ذلك تصوير وتمثيل ، وأن الإنسان إن اجتهد ما اجتهد أن يطلع على تلك السعادة ، فلا سبيل إليها إلا على
[1] راجع مجلة الرسالة ص 1681 - 1684 من العدد 321 س 7 لمحمود علي قراعة .
308
نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة جلد : 1 صفحه : 308