responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة    جلد : 1  صفحه : 306


يهيمون بمعشوقيهم ، لا يهيمون بهم على الحقيقة ، وإنما هم يهيمون بالذات الإلهية التي صورت تلك الصور ، فأحسنت خلقها !
فالذي يشوق ، هو الحياة في العيون ، حياة بريقها وحياة سحرها ، والحياة في الحديث والحياة في الابتسامة ، وإن خفة الروح هي التي تحبب إلينا الجميل ، تحبب إلينا حديثه ، فنجعله مغناطيسا جاذبا لقلوبنا وتبعث إلينا فتنة فتور عينيه ، وترسل إلينا تحية ابتسامته ، وأنها صلة روحية ، يعوزنا لتذوقها أن نتفهمها لنحول بينها وبين البهيمية ، ولنقدس بها المنعم علينا بها !
ولقد ظن قوم - كما قال ابن مسكويه في كتابه تهذيب الأخلاق - " أن كمال الإنسان وغايته هما في اللذات الحسية ، وأنها هي الخير المطلوب والسعادة القصوى ! وظنوا أن جميع قواه الأخرى ، إنما ركبت فيه من أجل هذه اللذات والتوصل إليها ، وأن النفس الشريفة التي سميناها ناطقة ، إنما وهبت له ليرتب بها الأفعال ويميزها ويوجهها نحو هذه اللذات ، لتكون الغاية الأخيرة ، هي حصولها على النهاية والغاية الجسمانية ! وظنوا أيضا أن قوى النفس الناطقة ( أعني الذكر والحفظ والروية ) ، كلها تراد لتلك الغاية ، وقالوا وذلك أن الإنسان إذا تذكر اللذات التي حصلت له بالمطاعم والمشارب والمناكح ، اشتاق إليها وأحب معاودتها ، قد صارت منفعة الذكر والحفظ إنما هي الذات وتحصيلها ، ولأجل هذه الظنون التي وقعت لهم ، جعلوا النفس المميزة الشريفة كالعبد المهين ، وكالأجير المستعمل في النفس الشهوية ، لتخدمها في المآكل والمشارب والمناكح ، وترتبها لها ، وتعد لها إعدادا كاملا موافقا ! وهذا هو رأي الجمهور من العامة الرعاع وجهال الناس السقاط ، وإلى هذه الخيرات التي جعلوها غايتهم ، تشوقوا عند ذكر الجنة والقرب من بارئهم عز وجل ، وهي التي يسألونها ربهم تبارك وتعالى ، في دعواتهم وصلواتهم ، وإذا خلوا بالعبادات ، وتركوا الدنيا وزهدوا فيما ، فإنما ذلك منهم على سبيل المتجر والمرابحة في هذه بعينها ، كأنهم تركوا قليلها ليصلوا إلى كثيرها ، وأعرضوا عن الفانيات منها ، ليبلغوا إلى الباقيات ، إلا أنك تجدهم مع هذه الاعتقادات وهذه الأفعال ، إذا ذكر عندهم الملائكة

306

نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة    جلد : 1  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست