وهي التي توضح الأغلاط الكثيرة في قديمها - الملتزم بها في أصلها العبراني - عن أن مبدأ نشوئها إنما هو من مبتدع ملفق لا معرفة له بالكتابة ولا أوضاع الألفاظ ولا صوغ التراكيب ، فتعرفك فلتات كاتبها أنها بنته وربيبة حجره ، تسمع بسبي بابل وما قبله من أساطير الأولين . وهي التي لو تربت في حجر نبي أو ولي لعرفت لله حقه فلم تقصد قدسه وكماله بلوازم النقص ، ورعت للأنبياء ذمتهم فلم تقرفهم بفواضح الفظائع وقبائح الجرائم . هذا إذا حابينا هواك ، وعزلنا العقل عن التحكيم في أمرها . وأما إذا خضعنا لسلطانه العادل ، فإنه يرد إلى الامتناع ظلامته ، ويحكم له بكثير منها . وإنك تطلب مني - عافاك الله - أن أتعامى عن نور العقل ، ودلالة البرهان في أمر الدين ومعترك الآراء وأخطار الأضاليل ومزالق الأوهام وهوسات الأهواء . . . فماذا أقول - هداك الله - للعقل إذا عاتبني بخطاب ينكس منه ذو الحياء رأسه خجلا ، ويقرع منه ذو الوفاء سنه ندما ؟ ! فهل تراني أحير جوابا إذا قال لي : ألست صاحبك الذي لا يتركك في جميع أمورك ، خطيرها وحقيرها ؟ ! لا أحبس فيها عنك نصحي ، ولا أبخل بدلالتي ، حتى أني إذا استولى عليك الهوى ، وخادعتك النفس الأمارة ، وحسنا لك ما يشنك بوصمته ، ويضرك بمبدئه وعاقبته ، أقحمت نفسي بينكما على كره منكما ، كاقتحام الطفيلي وإنا صاحب الدار ، متحملا ذلة الفضولي وأنا المولى المستشار ، فلم أزل أسوسك بلطف الإرشاد حتى