responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء على المسيحية نویسنده : متولي يوسف شلبي    جلد : 1  صفحه : 29


على أن يأخذ السلطان الديني محله من النفوس ، فقد كانت البلاد تعاني من طبقية جذرية الأضلاع حادة الزوايا - بالتعبير الهندسي - فبينما نجد الرخاء والترف والنعيم من حظ الطبقة الحاكمة ، نجد على العكس ، عامة الشعب يتلوى من الجوع ، ولا يجد عملا يتحصل منه على شئ يسد رمقه ، أو يشفي تشقق الشفاه الظامئة من لهيب كبدها الجائعة العطشى ؟
ولم يكن هناك شئ يخفف من آلام العامة إلا السلطان الديني ، ولكنه على مر الأيام وتزايد سقم الجوع ، وتخم الأغنياء ، واستفحال ظلم الحكومة ، وانحراف رجال الدين ، لا بد وأن يضمحل ، فالجوع مخرب للرؤوس ، مشوش للعقائد ، لا سيما عند الذين يعبدون الله على حرف ، وبالأخص في العقائد الضالة التي لا تستند إلى حقيقة إلهية صحيحة ، فإنها أحرى أن تتلاشى ، وأن تذوب أمام هذا الظلم الاجتماعي ، والانحراف الإداري ، والضياع الديني .
لذلك فقد خبا لهيب السلطان الديني ، وباتت الصدور خاوية منه ، فأراد الفلاسفة أن يملأوا هذا الفراغ في عملية ارتقاء وجداني تسمو فيه العواطف بالعقل إلى أعلى ، وتلتذ بحلاوة التفكير لتذهب مسغبة البطن ، وتأخذ الفلسفة محلها في مراقبة السلوك محل السلطان الديني فقامت التعاليم الفلسفية بشذى ديني ، والتحم الشعور الديني بالتذوق الفلسفي ، أو التقت المشاعر الدينية التي هي طبيعية في الانسان من ناحية كونه إنسانا ، بالضوء الفلسفي الخلاب ، واستطال هذا الامتزاج حتى صنع من الأديان التي تؤمن بها الدولة الرومانية وحدة طقوس وشعائر ، فالتقت المسيحية مع الفلسفة ، مع الطقوس الوثنية القديمة ، وكان الشعب خليطا في أفراده يضم يهودا ومسيحيين ووثنيين وخليطا في ثقافته يجمع المسيحية والوثنية واليهودية فوجدت الفلسفة المتدينة ، أو الدين المتفلسف جوا بشريا بعناصره البيولوجية والسيكولوجية يتلائم معها ، فكانت المسيحية التي امتزجت بالفلسفة ، والأفكار الوثنية ، أو الوثنية التي صارت مسيحية وانصهرتا معا في بوتقة تسمى الفلسفة ، لك أن تسمي هذه الأخلاط ما تشاء ،

29

نام کتاب : أضواء على المسيحية نویسنده : متولي يوسف شلبي    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست