نام کتاب : شرح الصدور بتحريم رفع القبور نویسنده : محمد بن علي الشوكاني جلد : 1 صفحه : 16
المخدوعين لو طلب منهم طالب أن ينذر بذلك الذي نذر به لقبر ميت على ما هو طاعة من الطاعات وقربة من القربات لم يفعل ، ولا كاد . فانظر إلى أين بلغ تلاعب الشيطان بهؤلاء ؟ وكيف رمى بهم هوة بعيدة القعر ، مظلمة الجوانب ؟ فهذه مفسدة من مفاسد ، القبور وتشييدها ، وزخرفتها وتجصيصها . ومن المفاسد البالغة إلى حد يرمى بصاحبه إلى وراء حائط الإسلام ، ويلقيه على أم رأسه من أعلى مكان الدين : أن كثيرا منهم يأتي بأحسن ما يملكه منن الأنعام وأجود ما يحوزه من المواشي فينحره عند ذلك القبر ، متقربا به إليه ، راجيا ما يضمر حصوله له منه . فيهل به لغير الله ، ويتعبد به لوثن من الأوثان إذ أنه لا فرق بين نحر النحائر لأحجار منصوبة يسمونها وثنا ، وبين قبر لميت يسمونه قبرا . ومجرد الاختلاف في التسمية لا يغني من الحق شيئا ، ولا يؤثر تحليلا ولا تحريما فإن من أطلق على الخمر غير اسمها وشربها ، كان حكمه حكم من شربها وهو يسميها باسمها ، بلا خلاف بين المسلمين أجمعين . ولا شك أن النحر نوع من أنواع العبادة التي تعبد الله العباد بها ، كالهدايا والفدية والضحايا ، فالمتقرب بها إلى القبر والناحر لها عنده لم يكن له غرض بذلك إلا تعظيمه وكرامته ، واستجلاب الخير منه واستدفاع الشر به . وهذه عبادة لاشك فيها . وكفاك من شر سماعه . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا عقر في الإسلام " قال عبد الرزاق : ( كانوا يعقرون عند القبر ، يعني بقرا وشياها " وبعد هذا كله فاعلم أن ما سقناه من الدلالة وما هو كالتوطيد لها وما هو كالخاتمة
16
نام کتاب : شرح الصدور بتحريم رفع القبور نویسنده : محمد بن علي الشوكاني جلد : 1 صفحه : 16