فعل ذلك بغير تعب ، كما يفيده قوله في تفسيره فإذا تعبوا ، إلا أنه يخالفه تفسير النهاية فإنه يقول : أراد أنهم يأتون ، ومعهم أعمال صالح يتكئون عليها . وفي القاموس : الخاصرة : الشاكلة وما بين الحرقفة ، والقصيري ، وفسر الحرقفة بعظم الحجبة : أي : رأس الورك ، وهذا التفسير الذي ذكره المصنف عليه الأكثر ، وقيل : الاختصار في الصلاة هو : أن يأخذ بيده عصا يتوكأ عليها ، وقيل : أن يختصر السورة ، ويقرأ من اخرها اية أو آيتين ، وقيل : أن يحذف من الصلاة ، فلا يمد قيامها وركوعها وسجودها وحدودها . والحكمة في النهي عنه بينها قوله : ( وفي البخاري عن عائشة أن ذلك ) أي الاختصار في الصلاة ( فعل اليهود في صلاتهم ) . وقد نهينا عن التشبه بهم في جميع أحوالهم ، فهذا وجه حكمة النهي ، لا ما قيل : إنه فعل الشيطان ، أو أن إبليس أهبط من الجنة كذلك ، أو إنه فعل المتكبرين ، لأن هذه علل تخمينية ، وما ورد منصوصا : أي عن الصحابي هو العمدة ، لأنه أعرف بسبب الحديث ، ويحتمل أنه مرفوع ، وما ورد في الصحيح مقدم على غيره ، لورود هذه الأشياء أثرا . وفي ذكر المصنف للحديث في باب الخشوع ما يشعر بأن العلة في النهي عن الاختصار : أنه ينافي الخشوع . ( وعن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله ( ص ) قال : إذا قدم العشاء ) ممدود ، كسماء طعام العشى ، كما في القاموس ( فابدأوا به ) أي بأكله ( قبل أن تصلوا المغرب ، متفق عليه ) وقد ورد بإطلاق لفظ الصلاة ، قال ابن دقيق العيد : فيحمل المطلق على المقيد ، وورد بلفظ : إذا وضع العشاء ، وأحدكم صائم فلا يقيد به ، لما عرف في الأصول : من أن ذكر حكم الخاص الموافق : لا يقتضي تقييدا ، ولا تخصيصا . والحديث دال على إيجاب تقديم أكل العشاء إذا حضر على صلاة المغرب ، والجمهور حملوه على الندب ، وقالت الظاهرية : بل يجب تقديم أكل العشاء ، فلو قدم الصلاة لبطلت ، عملا بظاهر الامر . ثم الحديث ظاهر في أنه يقدم العشاء مطلقا ، سواء كان محتاجا إلى الطعام ، أو لا ، وسواء خشي فساد الطعام ، أو لا ، وسواء كان خفيفا ، أو لا . وفي معنى الحديث تفاصيل أخر بغير دليل ، بل تتبعوا علة الامر بتقديم الطعام ، فقالوا : هو تشويش الخاطر بحضور الطعام ، وهو يفضي إلى ترك الخشوع في الصلاة ، وهي علة ليس عليها دليل ، إلا ما يفهم من كلام بعض الصحابة ، فإنه أخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة ، وابن عباس : أنهما كانا يأكلان طعاما ، وفي التنور شواء ، فأراد المؤذن أن يقيم الصلاة ، فقال له ابن عباس : لا تعجل : لا نقوم وفي أنفسنا منه شئ ، وفي رواية لئلا يعرض لنا في صلاتنا ، وله عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه قال العشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوامة . ففي هذه الآثار : إشارة إلى التعليل بما ذكر . ثم هذا إذا كان الوقت موسعا . واختلف إذا تضيق : بحيث لو قدم أكل العشاء خرج الوقت ، فقيل : يقدم الأكل ، وإن خرج الوقت ، محافظة على تحصيل الخشوع في الصلاة . قيل : وهذا على قول من يقول بوجوب الخشوع في الصلاة ، وقيل : بل يبدأ بالصلاة ، محافظة على حرمة الوقت ، وهو قول الجمهور من العلماء . وفيه أن حضور الطعام عذر في ترك الجماعة : عند من أوجبها ، وعند غيره . قيل : وفي قوله : فابدأوا ما يشعر : بأنه إذا كان حضور الصلاة وهو