برأسه . وقد اختلف العلماء في رد السلام في الصلاة على من سلم على المصلي . فذهب جماعة إلى أنه يرد باللفظ . وقال جماعة : يرد بعد السلام من الصلاة . وقال قوم : يرد في نفسه . وقال قوم : يرد بالإشارة ، كما أفاده هذا الحديث ، وهذا هو أقرب الأقوال للدليل ، وما عداه لم يأت به دليل . قيل : وهذا الرد بالإشارة استحباب ، بدليل : أنه لم يرد ( ص ) به على ابن مسعود ، بل قاله : إن في الصلاة شغلا . قد عرفت من رواية البيهقي ، أنه ( ص ) رد عليه بالإشارة برأسه ، ثم اعتذر إليه عن الرد باللفظ ، لأنه الذي كان يرد به عليهم في الصلاة ، فلما حرم الكلام ، رد عليه ( ص ) بالإشارة ، ثم أخبره : أن الله أحدث من أمره أن لا يتكلموا في الصلاة فالعجب من قول من قال : يرد باللفظ مع أنه ( ص ) قال هذا أي أن الله أحدث من أمره في الاعتذار عن رده على ابن مسعود السلام باللفظ ، وجعل رده السلام في الصلاة كلاما ، وأن الله نهى عنه . والقول : بأنه من سلم على المصلي لا يستحق جوابا . يعني بالإشارة لا باللفظ ، يرده : رده ( ص ) على الأنصار ، وعلى جابر بالإشارة ، ولو كانوا لا يستحقون لأخبرهم بذلك ، ولم يرد عليهم . وأما كيفية الإشارة ، ففي المسند من حديث صهيب قال : مررت برسول الله ( ص ) ، وهو يصلي ، فسلمت ، فرد علي إشارة قال الراوي : لا أعلمه إلا قال إشارة بأصبعه وفي حديث ابن عمر : في وصفه لرده ( ص ) على الأنصار : أنه ( ص ) قال : هكذا ، وبسط جعفر بن عون - الراوي عن ابن عمر - كفه ، وجعل بطنه أسفل ، وجعل ظهره إلى فوق . فتحصل من هذا : أنه يجيب المصلي بالإشارة إما برأسه ، أو بيده ، أو بأصبعه . والظاهر : أنه واجب ، لان الرد بالقول واجب ، وقد تعذر في الصلاة ، فبقي الرد بأي ممكن ، وقد أمكن بالإشارة ، وجعله الشارع ردا ، وسماه الصحابة ردا ودخل تحت قوله تعالى : * ( ولهديناهم صراطا مستقيما ) * وأما حديث أبي هريرة : أنه قال ( ص ) : من أشار في الصلاة إشارة تفهم عنه فليعد صلاته ذكره الدارقطني ، فهو حديث باطل ، لأنه من رواية أبي غطفان عن أبي هريرة ، وهو رجل مجهول . ( وعن أبي قتادة قال : كان رسول الله ( ص ) يصلي وهو حامل أمامة ) بضم الهمزة ( بنت زينب ) هي أمها ، وهي زينب : بنت رسول الله ( ص ) . وأبوها : أبو العاص بن الربيع ( فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها متفق عليه ) ولمسلم زيادة ( وهو يؤم الناس في المسجد ) في قوله : كان يصلي ما يدل على أن هذه العبارة لا تدل على التكرار مطلقا ، لان هذا الحمل لامامة وقع منه ( ص ) مرة واحدة ، لا غير . والحديث دليل على أن حمل المصلي في الصلاة حيوانا آدميا ، أو غيره لا يضر صلاته ، سواء كان ذلك لضرورة ، أو غيرها ، وسواء كان في صلاة فريضة أو غيرها ، وسواء كان إماما أو منفردا ، وقد صرح في رواية مسلم : أنه ( ص ) كان إماما ، فإذا جاز في حال الإمامة جاز في حال الانفراد . وإذا جاز في الفريضة جاز في النافلة بالأولى . وفيه دلالة على طهارة ثياب الصبيان وأبدانهم ، وأنه الأصل ما لم تظهر النجاسة . وأن الأفعال التي مثل هذه لا تبطل الصلاة ، فإنه ( ص ) كان يحملها ويضعها ، وقد ذهب إليه