نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 27
فالأسئار طاهرة . وأما سؤر المشرك : فقيل إنه نجس ، وقيل إنه مكروه إذا كان يشرب الخمر ، وهو مذهب ابن القاسم ، وكذلك عنده جميع أسئار الحيوانات التي لا تتوقى النجاسة غالبا مثل الدجاج المخلاة والإبل الجلالة والكلاب المخلاة . وسبب اختلافهم في ذلك هو ثلاثة أشياء : أحدها : معارضة القياس لظاهر الكتاب . والثاني : معارضته لظاهر الآثار . والثالث : معارضة الآثار بعضها بعضا في ذلك . أما القياس فهو أنه لما كان الموت من غير ذكاة هو سبب نجاسة عين الحيوان بالشرع وجب أن تكون الحياة هي سبب طهارة عين الحيوان ، وإذا كان ذلك كذلك ، فكل حي طاهر العين ، وكل طاهر العين فسؤره طاهر . وأما ظاهر الكتاب ، فإنه عارض هذا القياس في الخنزير والمشرك ، وذلك أن الله تعالى يقول في الخنزير : * ( فإنه رجس ) * وما هو رجس في عينه فهو نجس لعينه ، ولذلك استثنى قوم من الحيوان الحي الخنزير فقط ، ومن لم يستثنه حمل قوله * ( رجس ) * على جهة الذم له . وأما المشرك ففي قوله تعالى : * ( إنما المشركون نجس ) * فمن حمل هذا أيضا على ظاهره ، استثنى من مقتضى ذلك في القياس المشركين ، ومن أخرجه مخرج الذم لهم طرد قياسه . وأما الآثار فإنها عارضت هذا القياس في الكلب ، والهر والسباع : أما الكلب فحديث أبي هريرة المتفق على صحته ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم ، وليغسله سبع مرات وفي بعض طرقه أولاهن بالتراب وفي بعضها : وعفروه الثامنة بالتراب . وأما الهر فما رواه قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) : طهور الاناء إذا ولغ في الهر أن يغسل مرة أو مرتين وقرة ثقة عند أهل الحديث . وأما السباع فحديث ابن عمر المتقدم عن أبيه قال : سئل رسول الله ( ص ) عن الماء ، وما ينوبه من السباع والدواب ؟ فقال : إن كان الماء قلتين لم يحمل خبثا . وأما تعارض الآثار في هذا الباب ، فمنها أنه روي عنه : أنه سئل ( ص ) عن الحياض التي بين مكة ، والمدينة تردها الكلاب والسباع ؟ فقال : لها ما حملت في بطونها ، ولكم ما غير شرابا ، وطهورا . ونحو هذا حديث عمر الذي رواه مالك في موطئه ، يا وهو قوله : يا صاحب الحوض لا تخبرنا ، فإنا نرد على السباع ، وترد علينا . وحديث أبي قتادة أيضا الذي خرجه مالك أن كبشة سكبت له وضوءا فجاءت هرة لتشرب منه ، فأصغى لها الاناء حتى شربت ، ثم قال إن رسول الله ( ص ) قال : إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم ، أو الطوافات . فاختلف العلماء في تأويل هذه الآثار ، ووجه جمعها مع القياس المذكور ، فذهب مالك بالأمر بإراقة سؤر الكلب ، وغسل الإناء منه إلى أن ذلك عبادة غير معللة ، وأن الماء الذي يلغ فيه ليس بنجس ، ولم ير إراقة ما عدا الماء من الأشياء التي يلغ فيها
27
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 27