نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 230
والفطر كما فرق الشافعي . وسبب اختلافهم : اختلاف الآثار في هذا الباب ، وتردد الخبر في ذلك بين أن يكون من باب الشهادة ، أو من باب العمل بالأحاديث التي لا يشترط فيها العدد . أما الآثار ، فمن ذلك ما أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال : إني جالست أصحاب رسول الله ( ص ) ، وسألتهم . وكلهم حدثوني أن رسول الله ( ص ) قال : صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم ، فأتموا ثلاثين ، فإن شهد شاهدان فصوموا ، وأفطروا . ومنها حديث ابن عباس أنه قال : جاء أعرابي إلى النبي ( ص ) ، فقال : أبصرت الهلال الليلة ، فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ؟ قال : نعم . قال : يا بلال أذن في الناس ، فليصوموا غدا خرجه الترمذي قال : وفي إسناده خلاف ، لأنه رواه جماعة مرسلا ومنها حديث ربعي بن خراش خرجه أبو داود عن ربعي بن خراش عن رجل من أصحاب رسول الله ( ص ) قال : كان الناس في آخر يوم من رمضان ، فقام أعرابيان ، فشهدا عند النبي ( ص ) لأهل الهلال أمس عشية ، فأمر رسول الله ( ص ) الناس أن يفطروا ، وأن يعودوا إلى المصلى . فذهب الناس في هذه الآثار مذهب الترجيح ، ومذهب الجمع : فالشافعي : جمع بين حديث ابن عباس ، وحديث ربعي بن خراش على ظاهرهما ، فأوجب الصوم بشهادة واحد ، والفطر باثنين ، ومالك رجح حديث عبد الرحمن بن زيد لمكان القياس : أعني تشبيه ذلك بالشهادة في الحقوق ، ويشبه أن يكون أبو ثور لم ير تعارضا بين حديث ابن عباس وحديث ربعي بن خراش ، وذلك أن الذي في حديث ربعي ابن خراش أنه قضى بشهادة اثنين ، وفي حديث ابن عباس أنه قضى بشهادة واحد ، وذلك مما يدل على جواز الامرين جميعا ، لا أن ذلك تعارض ولا أن الفضاء الأول مختص بالصوم ، والثاني بالفطر ، فإن القول بهذا إنما ينبني على توهم التعارض ، وكذلك يشبه أن لا يكون تعارض بين حديث عبد الرحمن بن زيد ، وبين حديث ابن عباس إلا بدليل الخطاب وهو ضعيف ، إذا عارضه النص ، فقد نرى أن قول أبي ثور على شذوذه هو أبين ، مع أن تشبيه الرائي بالراوي ، هو أمثل من تشبيهه بالشاهد ، لان الشهادة ، إما أن يقول إن اشتراط العدد فيها عبادة غير معللة ، فلا يجوز أن يقاس عليها ، وإما أن يقول : إن اشتراط العدد فيها لموضع التنازع الذي في الحقوق ، والشبهة التي تعرض من قبل قول أحد الخصمين ، فاشترط فيها العدد ، وليكون الظن أغلب والميل إلى حجة أحد الشخصين أقوى ، ولم يتعد بذلك الاثنين لئلا يعسر قيام الشهادة ، فتبطل الحقوق ، وليس في رؤية القمر شبهة من مخالف توجب الاستظهار بالعدد ، ويشبه أن يكون الشافعي إنما فرق بين هلال الفطر ، وهلال الصوم للتهمة التي تعرض للناس في هلال الفطر ، ولا تعرض في هلال الصوم ، ومذهب أبي بكر بن المنذر ، هو مذهب أبي ثور وأحسبه هو مذهب أهل الظاهر وقد احتج أبو بكر بن المنذر لهذا الحديث بانعقاد الاجماع على وجوب الفطر ،
230
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 230