نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 119
الفقهاء إلى أنه يؤمن كالمأموم سواء وهي رواية المدنيين عن مالك . وسبب اختلافهم : أن في ذلك حديثين متعارضي الظاهر : أحدهما : حديث أبي هريرة المتفق عليه في الصحيح أنه قال : قال رسول الله ( ص ) : إذا أمن الامام فأمنوا والحديث الثاني ما خرجه مالك عن أبي هريرة أيضا أنه قال عليه الصلاة والسلام : إذا قال الامام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين . فأما الحديث الأول ، فهو نص في تأمين الامام . وأما الحديث الثاني ، فيستدل منه على أن الامام لا يؤمن ، وذلك أنه لو كان يؤمن لما أمر المأموم بالتأمين عند الفراغ من أم الكتاب قبل أن يؤمن الامام ، لان الامام كما قال عليه الصلاة والسلام : إنما جعل الامام ليؤتم به إلا أن يخص هذا من أقوال الامام : أعني أن يكون للمأموم أن يؤمن معه ، أو قبله ، فلا يكون فيه دليل على حكم الامام في التأمين ، ويكون إنما تضمن حكم المأموم فقط ، ولكن الذي يظهر أن مالكا ذهب مذهب الترجيح للحديث الذي رواه لكون السامع هو المؤمن لا الداعي ، وذهب الجمهور لترجيح الحديث الأول ، لكونه نصا ، ولأنه ليس فيه شئ من حكم الامام ، وإنما الخلاف بينه ، وبين الحديث الاخر في موضع تأمين المأموم فقط ، لا في هل يؤمن الامام ، أو لا يؤمن فتأمل هذا . ويمكن أيضا أن يتأول الحديث الأول بأن يقال : إن معنى قوله فإذا أمن الامام فأمنوا أي فإذا بلغ موضع التأمين . وقد قيل : إن التأمين هو الدعاء ، وهذا عدول عن الظاهر لشئ غير مفهوم من الحديث إلا بقياس : أعني أن يفهم من قوله : فإذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فأمنوا ، أنه لا يؤمن الامام . وأما متى يكبر الامام ، فإن قوما قالوا : لا يكبر إلا بعد تمام الإقامة واستواء الصفوف ، وهو مذهب مالك والشافعي وجماعة وقوم قالوا : إن موضع التكبير هو قبل أن يتم الإقامة ، واستحسنوا تكبيره عند قول المؤذن قد قامت الصلاة ، وهو مذهب أبي حنيفة والثوري ، وزفر . وسبب الخلاف في ذلك : تعارض ظاهر حديث أنس وحديث بلال : أما حديث أنس ، فقال : أقبل علينا رسول الله ( ص ) قبل أن يكبر في الصلاة فقال : أقيموا صفوفكم ، وتراصوا ، فإني أراكم من وراء ظهري وظاهر هذا أن الكلام منه كان بعد الفراغ من تمت الإقامة ، واستوت الصفوف حينئذ يكبر . وأما حديث بلال ، فإنه روى : أنه كان يقيم للنبي ( ص ) ، فكان يقول له : يا رسول الله لا تسبقني بآمين خرجه الطحاوي قالوا فهذا يدل على أن رسول الله ( ص ) كان يكبر ، والإقامة لم تتم . وأما اختلافهم في الفتح على الامام إذا ارتج عليه ، فإن مالكا والشافعي وأكثر العلماء أجازوا الفتح عليه ومنع ذلك الكوفيون . وسبب الخلاف في ذلك : اختلاف الآثار ، وذلك أنه روي : أن رسول الله ( ص ) تردد في آية ، فلما انصرف قال : أين أبي ألم يكن في القوم ؟ أي يريد الفتح عليه ، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : لا يفتح على الامام . والخلاف في ذلك في الصدر الأول ، والمنع
119
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 119