responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 68


والذين ذهبوا إلى أن الدباغ مطهر اتفقوا على أنه مطهر لما تعمل فيه الذكاة من الحيوان : أعني المباح الأكل ، واختلفوا فيما لا تعمل فيه الذكاة ، فذهب الشافعي إلى أنه مطهر لما تعمل فيه الذكاة فقط وأنه بدل منها في إفادة الطهارة ، وذهب أبو حنيفة إلى تأثير الدباغ في جميع ميتات الحيوان ما عدا الخنزير وقال داود تطهر حتى جلد الخنزير . وسبب اختلافهم : تعارض الآثار في ذلك ، وذلك أنه ورد في حديث ميمونة إباحة الانتفاع بها مطلقا ، وذلك أن فيه أنه مر بميتة ، فقال عليه الصلاة والسلام :
هلا انتفعتم بجلدها ؟ وفي حديث ابن عكيم منع الانتفاع بها مطلقا وذلك أن فيه :
أن رسول الله ( ص ) كتب ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ، ولا عصب قال : وذلك قبل موته بعام . بعد الدباغ ، والمنع قبل الدباغ . والثابت في هذا الباب هو حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال : إذا دبغ الإهاب فقد طهر . فلمكان اختلاف هذه الآثار اختلف الناس في تأويلها ، فذهب قوم مذهب الجمع على حديث ابن عباس ، أعني أنهم فرقوا في الانتفاع بها بين المدبوغ وغير المدبوغ . وذهب قوم مذهب النسخ ، فأخذوا بحديث ابن عكيم لقوله فيه : قبل موته بعام . وذهب قوم مذهب الترجيح لحديث ميمونة ، ورأوا أنه يتضمن زيادة على ما في حديث ابن عباس ، وأن تحريم الانتفاع ليس يخرج من حديث ابن عباس قبل الدباغ ، لان الانتفاع غير الطهارة ، أعني كل طاهر ينتفع به ، وليس يلزم عكس هذا المعنى :
أعني أن كل ما ينتفع به هو طاهر .
المسألة الرابعة : اتفق العلماء على أن دم الحيوان البري نجس ، واختلفوا في دم السمك وكذلك اختلفوا في الدم القليل من دم الحيوان غير البحري ، فقال قوم : دم السمك طاهر ، وهو أحد قولي مالك ، ومذهب الشافعي وقال قوم : هو نجس على أصل الدماء ، وهو قول مالك في المدونة وكذلك قال قوم : إن قليل الدماء معفو عنه . وقال قوم : بل القليل منها والكثير حكمه واحد ، والأول عليه الجمهور . والسبب في اختلافهم :
في دم السمك هو اختلافهم في ميتته ، فمن جعل ميتته داخلة تحت عموم التحريم ، جعل دمه كذلك ، ومن أخرج ميتته ، أخرج دمه قياسا على الميتة . وفي ذلك أثر ضعيف ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : أحلت لنا ميتتان ، ودمان : الجراد ، والحوت ، والكبد والطحال .
وأما اختلافهم في كثير الدم وقليله ، فسببه اختلافهم في القضاء بالمقيد على المطلق ، أو بالمطلق على المقيد ، وذلك أنه ورد تحريم الدم مطلقا في قوله تعالى : * ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) * وورد مقيدا في قوله تعالى : * ( قل لا أجد فيما أوحي إلي

68

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست