responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 78


بِالْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ تَعْيِينًا لِلْحَقِّ فِي جِهَتِهِ لِانْقِيَادِهِمْ إلَى الْتِزَامِهِ ، وَاحْتَاجَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ تَأَخَّرَتْ إمَامَتُهُ وَاخْتَلَطَ النَّاسُ فِيهَا وَتَجَوَّرُوا إلَى فَصْلِ صَرَامَةٍ فِي السِّيَاسَةِ وَزِيَادَةِ تَيَقُّظٍ فِي الْوُصُولِ إلَى غَوَامِضِ الْأَحْكَامِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَاسْتَقَلَّ بِهَا وَلَمْ يَخْرُجْ فِيهَا إلَى نَظَرِ الْمَظَالِمِ الْمَحْضِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ .
وَقَالَ فِي الْمِنْبَرِيَّةِ : صَارَ ثَمَنُهَا تِسْعًا .
وَقَضَى فِي الْقَارِصَةِ وَالْقَامِصَةِ وَالْوَاقِصَةِ بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا .
وَقَضَى فِي وَلَدٍ تَنَازَعَتْهُ امْرَأَتَانِ بِمَا أَدَّى إلَى فَصْلِ الْقَضَاءِ ، ثُمَّ انْتَشَرَ الْأَمْرُ بَعْدَهُ حَتَّى تَجَاهَرَ النَّاسُ بِالظُّلْمِ وَالتَّغَالُبِ وَلَمْ يَكْفِهِمْ زَوَاجِرُ الْعِظَةِ عَنْ التَّمَانُعِ وَالتَّجَاذُبِ ، فَاحْتَاجُوا فِي رَدْعِ الْمُتَغَلِّبِينَ وَإِنْصَافِ الْمَغْلُوبِينَ إلَى نَظَرِ الْمَظَالِمِ الَّذِي يَمْتَزِجُ بِهِ قُوَّةُ السَّلْطَنَةِ بِنِصْفِ الْقَضَاءِ ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَفْرَدَ لِلظُّلَامَاتِ يَوْمًا يَتَصَفَّحُ فِيهِ قَصَصَ الْمُتَظَلِّمِينَ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لِلنَّظَرِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ، فَكَانَ إذَا وَقَفَ مِنْهَا عَلَى مُشْكِلٍ أَوْ احْتَاجَ فِيهَا إلَى حُكْمٍ مُنَفَّذٍ رَدَّهُ إلَى قَاضِيهِ أَبِي إدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ فَنَفَّذَ فِيهِ أَحْكَامَهُ لِرَهْبَةِ التَّجَارِبِ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي عِلْمِهِ بِالْحَالِ وَوُقُوفِهِ عَلَى السَّبَبِ ، فَكَانَ أَبُو إدْرِيسَ هُوَ الْمُبَاشِرُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ الْآمِرُ .
ثُمَّ زَادَ مِنْ جَوْرِ الْوُلَاةِ وَظُلْمِ الْعُتَاةِ مَا لَمْ يَكْفِهِمْ عَنْهُ إلَّا أَقْوَى الْأَيْدِي وَأَنْفَذُ الْأَوَامِرِ ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوَّلَ مَنْ نَدَبَ نَفْسَهُ لِلنَّظَرِ فِي الْمَظَالِمِ فَرَدَّهَا وَرَاعَى السُّنَنَ الْعَادِلَةَ وَأَعَادَهَا ، وَرَدَّ مَظَالِمَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى أَهْلِهَا حَتَّى قِيلَ لَهُ وَقَدْ شَدَّدَ عَلَيْهِمْ فِيهَا وَأَغْلَظَ إنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِنْ رَدِّهَا الْعَوَاقِبَ ، فَقَالَ كُلُّ يَوْمٍ أَتَّقِيهِ وَأَخَافُهُ دُونَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا وُقِيتُهُ .
ثُمَّ جَلَسَ لَهَا مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ جَمَاعَةٌ ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ جَلَسَ لَهَا الْمَهْدِيُّ ، ثُمَّ الْهَادِي ، ثُمَّ الرَّشِيدُ ، ثُمَّ الْمَأْمُونُ فَآخِرُ مَنْ جَلَسَ لَهَا الْمُهْتَدِي حَتَّى عَادَتْ الْأَمْلَاكُ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا .
وَقَدْ كَانَ مُلُوكُ الْفُرْسِ يَرَوْنَ ذَلِكَ مِنْ قَوَاعِدِ الْمُلْكِ وَقَوَانِينِ الْعَدْلِ الَّذِي لَا يَعُمُّ الصَّلَاحُ إلَّا بِمُرَاعَاتِهِ وَلَا يَتِمُّ التَّنَاصُفُ إلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ .
وَكَانَتْ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حِينَ كَثُرَ فِيهِمْ الزُّعَمَاءُ وَانْتَشَرَتْ فِيهِمْ الرِّيَاسَةُ وَشَاهَدُوا مِنْ التَّغَالُبِ وَالتَّجَاذُبِ مَا لَمْ يَكْفِهِمْ عَنْهُ سُلْطَانٌ قَاهِرٌ عَقَدُوا حِلْفًا عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ وَإِنْصَافِ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ وَكَانَ سَبَبُهُ مَا حَكَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَمَنِ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا بِبِضَاعَةٍ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ ، وَقِيلَ إنَّهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ فَلَوَى الرَّجُلُ بِحَقِّهِ فَسَأَلَهُ مَالَهُ أَوْ مَتَاعَهُ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ فَقَامَ عَلَى الْحَجَرِ وَأَنْشَدَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ ( مِنْ الْبَسِيطِ ) :
يال قُصَيٍّ لِمَظْلُومٍ بِضَاعَتُهُ * بِبَطْنِ مَكَّةَ نَائِيَ الدَّارِ وَالنَّفَرِ وَأَشْعَثٍ مُحْرِمٍ لَمْ تُقْضَ حُرْمَتُهُ * بَيْنَ الْمَقَامِ وَبَيْنَ الْحِجْرِ وَالْحَجَرِ

78

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست