وَوَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهِمْ .الثَّامِنُ : أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِمْ الْعَرَّادَاتِ ، وَلَا يُحْرِقُ عَلَيْهِمْ الْمَسَاكِنَ ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَيْهِمْ النَّخِيلَ وَالْأَشْجَارَ لِأَنَّهَا دَارُ إسْلَامٍ تَمْنَعُ مَا فِيهَا وَإِنْ بَغَى أَهْلُهَا ، فَإِنْ أَحَاطُوا بِأَهْلِ الْعَدْلِ وَخَافُوا مِنْهُمْ الِاصْطِلَامَ جَازَ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ اعْتِمَادِ قَتْلِهِمْ وَنَصْبِ الْعَرَّادَاتِ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أُرِيدَتْ نَفْسُهُ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ عَنْهَا بِقَتْلِ مَنْ أَرَادَهَا إذَا كَانَ لَا يَنْدَفِعُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِدَوَابِّهِمْ وَلَا سِلَاحِهِمْ ، وَلَا يُسْتَعَانَ بِهِ فِي قِتَالِهِمْ وَيَرْفَعُ الْيَدَ عَنْهُ فِي وَقْتِ الْقِتَالِ وَبَعْدَهُ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَانَ عَلَى قِتَالِهِمْ بِدَوَابِّهِمْ وَسِلَاحِهِمْ مَا كَانَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : * ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) * .فَإِذَا انْجَلَتْ الْحَرْبُ وَمَعَ أَهْلِ الْعَدْلِ لَهُمْ أَمْوَالٌ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ ، وَمَا تَلِفَ مِنْهَا فِي غَيْرِ قِتَالٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى مُتْلِفِهِ ، وَمَا أَتْلَفُوهُ فِي نَائِرَةِ الْحَرْبِ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ فَهُوَ هَدَرٌ ، وَمَا أَتْلَفُوهُ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ فِي غَيْرِ نَائِرَةِ الْحَرْبِ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ ، وَمَا أَتْلَفُوهُ فِي نَائِرَةِ الْحَرْبِ فَفِي وُجُودِ ضَمَانِهِ عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا يَكُونُ هَدَرًا لَا يُضْمَنُ .وَالثَّانِي يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُبْطِلُ حَقًّا وَلَا تُسْقِطُ غُرْمًا ، فَتُضْمَنُ النُّفُوسُ بِالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ .وَيُغَسَّلُ قَتْلَى أَهْلِ الْبَغْيِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ .وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ عُقُوبَةً لَهُمْ ، وَلَيْسَ عَلَى مَيِّتٍ فِي الدُّنْيَا عُقُوبَةٌ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : * ( فُرِضَ عَلَى أُمَّتِي غُسْلُ مَوْتَاهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ ) * .وَأَمَّا قَتْلَى أَهْلِ الْعَدْلِ فِي مَعْرَكَةِ الْحَرْبِ فِي غُسْلِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَقَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ تَكْرِيمًا وَتَشْرِيفًا كَالشُّهَدَاءِ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ .وَالثَّانِي : يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَإِنْ قُتِلُوا بَغْيًا .وَقَدْ صَلَّى الْمُسْلِمُونَ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَصُلِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنْ قُتِلُوا ظُلْمًا وَبَغْيًا ، وَلَا يَرِثُ بَاغٍ قَتَلَ عَادِلًا وَلَا عَادِلٌ قَتَلَ بَاغِيًا ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : * ( الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ ) * .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، أُورِثُ الْعَادِلَ مِنْ الْبَاغِي لِأَنَّهُ مُحِقٌّ وَلَا أُورِثُ الْبَاغِيَ مِنْ الْعَادِلِ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ .قَالَ أَبُو يُوسُفَ : أُورِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ فِي قَتْلِهِ ، وَإِذَا مَرَّ تُجَّارُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِعَشَّارِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَعَشَّرَ أَمْوَالَهُمْ ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِمْ عُشِّرُوا ، وَلَمْ يُجْزِهِمْ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الزَّكَاةِ ، لِأَنَّهُمْ مَرُّوا بِهِمْ مُخْتَارِينَ ، وَالزَّكَاةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُقِيمِينَ الْمُكْرَهِينَ وَإِذَا أَتَى أَهْلُ الْبَغْيِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ حُدُودًا فَفِي إقَامَتِهَا عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ وَجْهَانِ .