responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 57


عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ بِدَمٍ وَلَا مَالٍ ؛ وَوَفَدَ أَبُو شَجَرَةَ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَاتِ فَقَالَ أَعْطِنِي فَإِنِّي ذُو حَاجَةٍ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ أَبُو شَجَرَةَ فَقَالَ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ أَلَسْتَ تَقُولُ ( مِنْ الطَّوِيلِ ) :
وَرَوَّيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ * وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أُعَمَّرَا ثُمَّ جَعَلَ يَعْلُوهُ بِالدِّرَّةِ فِي رَأْسِهِ حَتَّى وَلَّى رَاجِعًا إلَى قَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ ( مِنْ الْبَسِيطِ ) :
ضَنَّ عَلَيْنَا أَبُو حَفْصٍ بِنَائِلِهِ * وَكُلُّ مُخْتَبِطٍ يَوْمًا لَهُ وَرَقُ مَا زَالَ يَضْرِبُنِي حَتَّى حَدَثْتُ لَهُ * وَحَالَ مِنْ دُونِ بَعْضِ الْبُغْيَةِ الشَّفَقُ لَمَّا رَهِبْتُ أَبَا حَفْصٍ وَشُرْطَتَهُ * وَالشَّيْخُ يُقْرَعُ أَحْيَانًا فَيَنْمَحِقُ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسِوَى التَّعْزِيرِ لِاسْتِطَالَتِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ؛ وَلِدَارِ الرِّدَّةِ حُكْمٌ تُفَارِقُ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ وَدَارَ الْحَرْبِ .
فَأَمَّا مَا تُفَارِقُ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُهَادَنُوا عَلَى الْمُوَادَعَةِ فِي دِيَارِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يُهَادَنَ أَهْلُ الْحَرْبِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالَحُوا عَلَى مَالٍ يُقَرُّونَ بِهِ عَلَى رِدَّتِهِمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصَالَحَ أَهْلُ الْحَرْبِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَلَا سَبْيُ نِسَائِهِمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَرَقَّ أَهْلُ الْحَرْبِ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ .
وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْغَانِمُونَ أَمْوَالَهُمْ ، وَيَمْلِكُونَ مَا غَنِمُوهُ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَدْ صَارَتْ دِيَارُهُمْ بِالرِّدَّةِ دَارَ حَرْبٍ وَيُسْبَوْنَ وَيُغْنَمُونَ وَتَكُونُ أَرْضُهُمْ فَيْئًا وَهُمْ عِنْدَهُ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ وَأَمَّا مَا تُفَارِقُ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : وُجُوبُ قِتَالِهِمْ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ كَالْمُشْرِكِينَ .
وَالثَّانِي : إبَاحَةُ إمَائِهِمْ أَسْرَى وَمُمْتَنِعِينَ .
وَالثَّالِثُ : تَصِيرُ أَمْوَالُهُمْ فَيْئًا لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ .
وَالرَّابِعُ : بُطْلَانُ مُنَاكَحَتِهِمْ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى الرِّدَّةِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : تَبْطُلُ مُنَاكَحَتُهُمْ بِارْتِدَادِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ، وَلَا تَبْطُلُ بِارْتِدَادِهِمَا مَعًا ؛ وَمَنْ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ الرِّدَّةُ فَأَنْكَرَهَا كَانَ قَوْلُهُ مَقْبُولًا بِغَيْرِ يَمِينِهِ ، وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالرِّدَّةِ لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِالْإِنْكَارِ حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَإِذَا امْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ جُحُودًا لَهَا كَانُوا بِالْجُحُودِ مُرْتَدِّينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهَا مَعَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُوبِهَا كَانُوا مِنْ بُغَاةِ الْمُسْلِمِينَ ، يُقَاتَلُونَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَا يُقَاتَلُونَ .
وَقَدْ قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَانِعِي الزَّكَاةِ مَعَ تَمَسُّكِهِمْ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى قَالُوا وَاَللَّهِ مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إيمَانِنَا وَلَكِنْ شَحِحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَامَ تُقَاتِلُهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

57

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست